تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ١٩١
المأخوذ، حذر سبحانه من وخامة عاقبة الظلم لكل أهل قرية ظالمة، بل لكل ظالم ظلم غيره أو نفسه.
* (إن في ذلك) * إشارة إلى ما قص الله من قصص الأمم الهالكة بذنوبها * (لاية) * لعبرة * (لمن خاف) * لأنه ينظر إلى ما أحل الله بالمجرمين في الدنيا، وهو أنموذج لما أعده لهم في الآخرة، فإذا رأى عظمه وشدته اعتبر به عظم العذاب الموعود في الآخرة فيكون له لطفا في زيادة الخشية، ونحوه: * (إن في ذلك لعبرة ذلك لمن يخشى) * (1)، * (ذلك) * إشارة إلى يوم القيامة يدل عليه قوله: * (عذاب الآخرة) *، و * (الناس) * رفع باسم المفعول الذي هو * (مجموع) * كما يرفع بفعله إذا قلت: يجمع له الناس، أي: * (ذلك يوم) * موصوف بأن يكون موعدا لجمع الناس له صفة لازمة * (ذلك يوم مشهود) * أي: مشهود فيه، يشهد فيه الخلائق الموقف لا يغيب عنه أحد، قال الشاعر:
في محفل من نواصي الناس مشهود (2) الأجل يطلق على مدة التأجيل وعلى منتهاها، فيقولون: انتهى الأجل، وبلغ الأجل آخره، ويقولون: حل الأجل، * (فإذا جاء أجلهم) * (3) يراد آخر مدة التأجيل، والعد إنما هو للمدة لا لغايتها ومنتهاها، فالمعنى: ما يؤخره (4) إلا لانتهاء مدة معدودة فحذف المضاف.
وقرئ: * (يوم يأت) * بغير ياء، ونحوه قولهم: " لا أدر " بحذف الياء للاجتزاء

(١) النازعات: ٢٦.
(٢) وصدره: ومشهد قد كفيت الغائبين به. البيت منسوب لام قبيس الضبية، وهو من أبيات الحماسة والفخر، تقول: رب مشهد مشهود أو محفل ملتئم من أشراف الناس ورؤسائهم قد كفيت الغائبين بالنطق عنهم، فكشفت الغمة وأثبتت الحجة وقلت الصواب عنهم. انظر شرح شواهد الكشاف للأفندي: ص ٣٧٦.
(٣) فاطر: ٤٥.
(4) في بعض النسخ: نؤخره.
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»