تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ١٨٠
وحرم وحرام، قال الشاعر:
مررنا فقلنا: إيه سلم فسلمت * كما اكتل بالبرق الغمام اللوائح (1) * (فما لبث أن جاء بعجل) * أي: فما لبث في المجئ بل عجل فيه، أو فما لبث مجيئه، والحنيذ: المشوي بالحجارة المحماة في أخدود من الأرض، وقيل: هو المشوي يقطر دسمه (2)، ويدل عليه قوله: * (بعجل سمين) * (3). * (فلما رأى) * إبراهيم أيدي الملائكة * (لا تصل) * إلى العجل الحنيذ، أنكرهم، يقال: نكره وأنكره واستنكره بمعنى، وإنما أنكرهم، لأنه خاف أن يكونوا نزلوا لأمر أنكره الله من قومه، ولذلك * (قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط) *، * (وأوجس) * أي: أضمر * (منهم) * خوفا.
* (وامرأته قائمة) * وراء الستر تسمع تحاورهم، وقيل: كانت قائمة تخدمهم (4) * (فضحكت) * سرورا بزوال الخيفة، أو بهلاك أهل الخبائث، وقيل:
* (فضحكت) * حاضت (5) (6)، وهي سارة، وكانت ابنة عم إبراهيم * (فبشرناها بإسحق) * بنبي بين نبيين، والوراء: ولد الولد، وقرئ: * (يعقوب) * بالنصب، كأنه قال: ووهبنا لها إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، على طريقة قوله:
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة * ولا ناعب إلا بشؤم غرابها (7)

(١) البيت لذي الرمة، ومعناه: قلنا: سلمي واستأنسي فأمرنا سلم، أي: نحن سالمون مستأنسون ومؤانسون. انظر ديوان ذي الرمة: ص ٦٢٥ وفيه: " مررن ".
(٢) قاله السدي وشمر بن عطية وسفيان ووهب بن منبه. راجع تفسير الطبري: ج ٧ ص ٦٩.
(٣) الذاريات: ٢٦.
(٤) قاله مجاهد على ما حكاه الماوردي في تفسيره: ج ٢ ص ٤٨٤.
(٥) قاله مجاهد وعكرمة. راجع تفسير الماوردي: ج ٢ ص ٤٨٤.
(٦) قال الزجاج: فأما من قال: ضحكت: حاضت، فليس بشئ. وقال الفراء: فلم نسمعه من ثقة. انظر معاني القرآن للزجاج: ج ٣ ص ٦٢، ومعاني القرآن للفراء: ج 2 ص 22.
(7) البيت للأخوص اليربوعي، فأراد بقوله: " مشائيم " بني دارم بن مالك، وهو من قصيدة يذم الدارميين وينسبهم إلى الشؤم وقلة الصلاح والخير، ذلك انهم هربوا قاتلا كان بنو يربوع قد أودعوه عندهم بعدما كفلوه، ثم ادعوا أنه قد هرب وهذه ديته، فلما سمعهم الأخوص يذكرون الدية قال: دعوني أتكلم، فقال هذه الأبيات. انظر خزانة الأدب للبغدادي: ج 4 ص 158 وما بعدها و ج 8 ص 295 و 554، وفيهن " ببين " بدل " بشؤم ".
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»