والاستواء: الاعتدال والاستقامة، يقال: استوى العود، ثم قيل: استوى إليه كالسهم المرسل إذا قصد قصدا مستويا من غير أن يلوي إلى شئ، ومنه استعير قوله: * (ثم استوى إلى السماء) * أي: قصد إليها بإرادته ومشيته بعد خلق ما في الأرض من غير أن يريد فيما بين ذلك خلق شئ آخر، والمراد بالسماء جهات العلو، كأنه قال: ثم استوى إلى فوق، والضمير في * (فسواهن) * ضمير مبهم، و * (سبع سموا ت) * تفسيره، كقولهم: ربه رجلا، وقيل: الضمير راجع إلى السماء (1)، والسماء في معنى الجنس (2)، ومعنى * (فسواهن) *: عدل خلقهن وأتمه وقومه * (وهو بكل شئ عليم) * فلذلك خلق السماوات والأرض خلقا محكما متقنا من غير تفاوت على حسب ما اقتضته الحكمة.
* (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون) * (30) لما ذكر سبحانه إنعامه علينا بخلق السماء والأرض وما فيهما، ذكر نعمته علينا بخلق أبينا آدم (عليه السلام ب * (قالوا) *، و * (جاعل) * من جعل الذي له مفعولان، والمعنى مصير * (في الأرض خليفة) *، والخليفة: من يخلف غيره، والمعنى: خليفة منكم، لأن الملائكة كانوا سكان الأرض فخلفهم آدم فيها وذريته، واستغنى بذكر آدم عن ذكر بنيه كما يستغنى بذكر أبي القبيلة في قولك: ربيعة ومضر (3)، أو يريد من يخلفكم، أو خلقا