تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٨٩
بحسن مورده من باب الضلالة، وإسناد الإضلال إلى الله سبحانه إسناد الفعل إلى السبب، لأنه لما ضرب المثل فضل به قوم واهتدى به قوم تسبب لضلالتهم (1) وهديهم، والفسق: الخروج عن طاعة الله.
* (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون) * (27) النقض: الفسخ، وشاع (2) استعمال النقض في إبطال العهد من جهة أنهم سموا العهد بالحبل على الاستعارة، ومنه قول ابن التيهان في بيعة العقبة: يا رسول الله إن بيننا وبين القوم حبالا، ونحن قاطعوها، فنخشى إن الله أعزك وأظهرك أن ترجع إلى قومك (3)، و * (عهد الله) * هو ما ركز في عقولهم من الحجة على التوحيد، أو ما أخذ عليهم في التوراة من اتباع محمد (صلى الله عليه وآله)، أو ما أخذ عليهم من الميثاق بأنه إذا بعث إليهم رسول مؤيد بالمعجزات صدقوه واتبعوه.
والضمير في * (ميثاقه) * للعهد، ويجوز أن يكون الميثاق بمعنى: التوثقة، كما أن الميعاد والميلاد بمعنى: الوعد والولادة، ويجوز أن يرجع الضمير إلى الله، أي:
من بعد توثقته عليهم.
ومعنى قطعهم * (ما أمر الله به أن يوصل) *: قطعهم الأرحام وموالاة المؤمنين، وقيل: قطعهم ما بين الأنبياء من الاجتماع على الحق في إيمانهم ببعض وكفرهم ببعض (4). والأمر: طلب الفعل ممن هو دونك، وبه سمي الأمر الذي هو واحد الأمور، لأن الداعي الذي يدعو إليه شبه بأمر يأمر به * (هم الخاسرون) * لأنهم

(١) في بعض النسخ: بسبب إضلالهم.
(٢) في بعض النسخ: ساغ.
(٣) رواه الزمخشري في كشافه: ج ١ ص ١١٩.
(٤) رواه الضحاك وعطاء عن ابن عباس كما في تفسير السمرقندي: ج ١ ص ١٠٥.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»