ينطقوا ألسنتهم بالحق، وأن ينظروا ويتبصروا بعيونهم، جعلوا كأنهم انتقضت بنى مشاعرهم التي هي أصل الإحساس والإدراك كقوله:
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به * وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا (1) و * (لا يرجعون) * معناه: لا يعودون إلى الهدى بعد أن باعوه، أو عن الضلالة بعد أن اشتروها، أو بقوا متحيرين لا يدرون أيتقدمون أم يتأخرون، فكيف يرجعون إلى حيث ابتدأوا منه؟
* (أو كصيب من السماء فيه ظلمت ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين) * (19) الصيب: المطر الذي يصوب، أي: ينزل ويقع، ويقال للسحاب: صيب أيضا (2). هذا تمثيل آخر لحال المنافقين، ليكون كشفا لها بعد كشف، والمعنى: أو كمثل ذوي صيب، أي: كمثل قوم أخذهم المطر على هذه الصفة فلقوا منها ما لقوا.
قالوا: شبه دين الإسلام بالمطر، لأن القلوب تحيا به كما تحيا الأرض بالمطر، وشبه ما يتعلق به من شبهات الكفار بالظلمات، وما فيه من الوعد والوعيد بالرعد والبرق، وما يصيبهم من أهل الإسلام بالصواعق. وقيل: شبه القرآن بالمطر، وما فيه من الابتلاء والزجر بالظلمات والرعد، وما فيه من البيان بالبرق، وما فيه من الوعيد آجلا والدعاء إلى الجهاد عاجلا بالصواعق (3). وجاءت هذه الأشياء