تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٣٠٨
الإيمان به * (لن تقبل توبتهم) * لأنها لا تقع على وجه الإخلاص، ويدل عليه قوله: * (وأولئك هم الضالون) * أي: عن الحق والصواب، وقيل: لن تقبل توبتهم عند رؤية البأس (1)، والمعنى: أنهم لا يتوبون إلا عند معاينة الموت * (وماتوا وهم كفار) * أي: على كفرهم * (فلن يقبل من أحدهم) * فدية ولو افتدى ب‍ * (ملء الأرض ذهبا) *، ويجوز أن يكون المراد: * (ولو افتدى) * بمثله، والمثل يحذف كثيرا في كلامهم قالوا: ضربته ضرب زيد أي: مثل ضربه، وقضية ولا أبا حسن لها أي: ولا مثل أبي حسن لها، كما أنه يزاد مثل في نحو قولهم: مثلك لا يفعل كذا أي: أنت لا تفعل.
* (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم) * (92) سورة آل عمران / 92 و 93 أي: * (لن) * تبلغوا حقيقة * (البر) * ولن تكونوا أبرارا، وقيل: * (لن تنالوا) * بر الله وهو الثواب (2) * (حتى تنفقوا مما تحبون) * أي: حتى تنفقوا من أموالكم التي تحبونها كقوله: * (أنفقوا من طيبت ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) * الآية (3)، وقرأ عبد الله: " حتى تنفقوا بعض

(١) وهو قول الحسن وقتادة. راجع الطبري: ج ٣ ص ٣٤١ ثم قال: إنه لا يجوز تأويل من قال:
لن تقبل توبتهم عند حضور موتهم، لأنه لا خلاف بين الأمة أن الكافر إذا أسلم قبل توبته بطرفة عين في أن حكمه حكم المسلمين في وجوب الصلاة عليه ومواريثه ودفنه في مقام المسلمين واجراء جميع أحكام الاسلام عليه، ولو كان اسلامه غير صحيح لما جاز ذلك. كما حكاه عنه الشيخ في التبيان: ج ٢ ص ٥٢٧ ثم أجاب (قدس سره): وهذا الذي قاله ليس بصحيح، لأنه لا يمتنع أن نتعبد باجراء أحكام الإسلام عليه وإن كان إسلامه على وجه من الالجاء لا يثبت معه استحقاق الثواب عليه، كما انا تعبدنا باجراء أحكام الإسلام على المنافقين وإن كانوا كفارا، وإنما لم يجز قبول التوبة في حال الإلجاء إليه لأن فعل الملجأ كفعل المكره في سقوط الحمد والذم... إلى آخر كلامه الشريف.
(٢) قاله ابن عباس. راجع تفسيره: ص ٥٢، وحكاه عنه السمرقندي في تفسيره: ج ١ ص ٢٨٤.
(٣) البقرة: ٢٦٧.
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»