تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ٢٦٥
الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشبه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب) * (7) * (آيات محكمات) * أحكمت عباراتها بأن حفظت من الاحتمال والاشتباه * (هن أم الكتاب) * أي: أصل الكتاب، تحمل المتشابهات عليها وترد إليها * (وأخر متشابهات) * مشتبهات محتملات (1)، ولو كان القرآن كله محكما لتعلق الناس به لسهولة مأخذه، ولأعرضوا عما يحتاجون فيه إلى النظر والاستدلال، ولو فعلوا ذلك لعطلوا الطريق الذي به يتوصل إلى معرفة الله وتوحيده، ولكان لا يتبين فضل العلماء الذين يتعبون القرائح في استخراج معاني المتشابه (2) ورد ذلك إلى المحكم * (فأما الذين في قلوبهم زيغ) * أي: ميل عن الحق * (فيتبعون ما تشبه منه) * فيتعلقون بالمتشابه الذي يحتمل ما يذهب إليه أهل البدعة مما لا يطابق المحكم، ويحتمل ما يطابقه من قول أهل الحق * (ابتغاء الفتنة) * طلب أن يفتنوا الناس عن دينهم ويضلوهم * (وابتغاء تأويله) * وطلب أن يؤولوه التأويل الذي يشتهونه * (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) * أي: لا يهتدي إلى تأويله الحق الذي يجب أن يحمل عليه إلا الله والعلماء الذين رسخوا في العلم، أي:
ثبتوا فيه وتمكنوا، وبعضهم يقف على * (إلا الله) * ويبتدئ * (والراسخون في العلم يقولون آمنا به) *، ويفسرون المتشابه بأنه ما استأثر الله بعلمه، والأول أوجه، وهو المروي عن الباقر (عليه السلام) قال: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أفضل الراسخين في العلم " (3)، و * (يقولون) * كلام مستأنف موضح لحال الراسخين، والمعنى: هؤلاء

(١) في نسخة زيادة: ومجملات.
(٢) في نسخة: المتشابهة.
(٣) تفسير العياشي: ج ١ ص ١٦٤ ح ٦، وعنه تفسير البرهان: ج ١ ص ٢٧١ ح 8.
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»