تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ١٦٩
يعني: أحبار اليهود، أي: * (يكتمون ما أنزلنا) * ه في التوراة من الآيات الشاهدة على صحة نبوة محمد (صلى الله عليه وآله): والهادية إلى نعته وصفته والأمر باتباعه والإيمان به * (من بعد ما بينه) * ولخصناه * (للناس في الكتاب) * أي: في التوراة، لم ندع فيه موضع إشكال ولا اشتباه على أحد منهم فكتموا ذلك المبين الملخص * (أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) * من الملائكة والمؤمنين * (إلا الذين تابوا) * أي: ندموا على ما فعلوا * (وأصلحوا) * نياتهم فيما يستقبل من الأوقات وتداركوا ما فرط منهم * (وبينوا) * ما قد بينه الله في كتابهم، أو بينوا للناس ما أحدثوه من توبتهم ليعرفوا بضد ما عرفوا به ويقتدي غيرهم بهم * (فأولئك أتوب عليهم) * أقبل توبتهم.
* (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (161) خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون) * (162) أي: * (إن الذين) * ماتوا من هؤلاء الكاتمين ولم يتوبوا * (أولئك عليهم لعنة الله) * ذكر سبحانه لعنتهم أحياء ثم ذكر لعنتهم أمواتا، ومعنى قوله: * (والناس أجمعين) * والمراد به: من يعتد بلعنه وهم المؤمنون، وقيل: إن يوم القيامة يلعن بعضهم بعضا (1)، * (خالدين فيها) * في اللعنة، وقيل: في النار إلا أنها أضمرت لتفخيم شأنها وتهويل أمرها (2)، * (ولا هم ينظرون) * لا يمهلون - من الإنظار - أو لا ينتظرون أو لا ينظر الله إليهم نظر رحمة، واللعن من الله: الإبعاد من الرحمة وإيجاب العقاب، ومن الناس: هو الدعاء عليهم بذلك.

(١) حكاه الزمخشري في الكشاف: ج ١ ص ٢١٠.
(٢) قاله أبو العالية. راجع التبيان: ج ٢ ص ٥١.
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»