تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ١ - الصفحة ١٦٥
* (ومن حيث خرجت) * أي: ومن أي بلد خرجت فاستقبل بوجهك نحو * (المسجد الحرام) * إذا صليت * (وإنه) * أي: إن هذا المأمور به * (للحق) * الثابت الذي لا يزول بنسخ * (من ربك وما الله بغافل عما تعملون) * تهديد، وهذا التكرير لتأكيد أمر القبلة، لأن النسخ من مظان الشبهة، ولأنه نيط بكل واحد ما لم ينط بالآخر فاختلفت فوائدها * (إلا الذين ظلموا) * استثناء من " الناس "، ومعناه:
* (لئلا يكون) * حجة لأحد من اليهود إلا للمعاندين منهم القائلين: إن محمدا ما ترك قبلتنا إلى الكعبة إلا ميلا إلى دين قومه وحبا لبلده، ولو كان على الحق للزم قبلة الأنبياء، وأما الحجة التي كانت للمنصفين منهم لو لم يحول القبلة فهي أنهم كانوا يقولون: ماله لا يحول إلى قبلة أبيه إبراهيم كما هو مذكور في نعته في التوراة؟!
وإنما أطلق اسم الحجة عليه لأنهم كانوا يسوقونه سياق الحجة. ويجوز أن يكون المعنى: * (لئلا يكون) * للعرب * (عليكم حجة) * في ترككم التوجه إلى الكعبة التي هي قبلة إبراهيم وإسماعيل أبي العرب * (إلا الذين ظلموا منهم) * وهم أهل مكة حين يقولون: بدا له فرجع إلى قبلة آبائه، ويوشك أن يرجع إلى دينهم * (فلا تخشوهم) * فلا تخافوا مطاعنهم في قبلتكم * (واخشوني) * ولا تخالفوا أمري * (ولأتم نعمتي) * متعلق اللام محذوف، أي: ولإتمامي النعمة عليكم وإرادتي اهتداءكم أمرتكم بذلك، أو هو معطوف (1) على علة مقدرة، كأنه قيل: واخشوني لأوفقكم ولأتم نعمتي عليكم، وقيل: هو معطوف على * (لئلا يكون) * (2) وفي الحديث: " تمام النعمة دخول الجنة " (3).

(١) في نسخة: عطف.
(٢) قاله الأخفش في معاني القرآن: ج 1 ص 344، والبغوي في تفسيره: ج 1 ص 128.
(3) ذكره الزمخشري في الكشاف: ج 1 ص 206، والزبيدي في الاتحاف: ج 9 ص 85.
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»