الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٢٧٤
سورة القيمة مكية. وهي ثمان آيات بسم الله الرحمن الرحيم لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة.
رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة فيها كتب قيمة. وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة.
____________________
سورة القيمة مكية، وقيل مدنية. وهي ثمان آيات (بسم الله الرحمن الرحيم) كان الكفار من الفريقين أهل الكتاب وعبدة الأصنام يقولون قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم: لا ننفك مما نحن عليه من ديننا ولا نتركه حتى يبعث النبي الموعود الذي هو مكتوب في التوراة والإنجيل وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فحكى الله تعالى ما كانوا يقولونه ثم قال - وما تفرق الذين أوتوا الكتاب - يعني أنهم كانوا يعدون اجتماع الكلمة والاتفاق على الحق إذا جاءهم الرسول، ثم ما فرقهم عن الحق ولا أقرهم على الكفر إلا مجئ الرسول صلى الله عليه وسلم. ونظيره في الكلام أن يقول الفقير الفاسق لمن يعظه: لست بمنفك مما أنا فيه حتى يرزقني الله الغنى، فيرزقه الله الغنى فيزداد فسقا، فيقول واعظه: لم تكن منفكا عن الفسق حتى توسر وما غمست رأسك في الفسق إلا بعد اليسار، يذكره ما كان يقوله توبيخا وإلزاما. وانفكاك الشئ من الشئ أن يزايله بعد التحامه به كالعظم إذا انفك من مفصله، والمعنى: أنهم متشبثون بدينهم لا يتركونه إلا عند مجئ البينة، و (البينة) الحجة الواضحة، و (رسول) بدل من البينة. وفي قراءة عبد الله رسولا حالا من البينة (صحفا) قراطيس (مطهرة) من الباطل (فيها كتب) مكتوبات (قيمة) مستقيمة ناطقة بالحق والعدل. والمراد بتفرقهم تفرقهم عن الحق وانقشاعهم عنه، أو تفرقهم فرقا، فمنهم من آمن، ومنهم من أنكر وقال ليس به، ومنهم من عرف وعاند. فإن قلت: لم جمع بين أهل الكتاب والمشركين أولا ثم أفرد أهل الكتاب في قوله (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب)؟ قلت:
لأنهم كانوا على علم به لوجوده في كتبهم، فإذا وصفوا بالتفرق عنه كان من لا كتاب له أدخل في الوصف
(٢٧٤)
مفاتيح البحث: أهل الكتاب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»