____________________
وحساب، بل ما شئت من الزيادة على الحق والكثرة والسعة. فإن قلت: لم كرر نداء قومه ولم جاء بالواو في النداء الثالث دون الثاني؟ قلت: أما تكرير النداء ففيه زيادة تنبيه لهم وإيقاظ عن سنة الغفلة، وفيه أنهم قومه وعشيرته وهم فيما يوبقهم وهو يعلم وجه خلاصهم ونصيحتهم عليه واجبة فهو يتحزن لهم ويتلطف بهم ويستدعى بذلك أن لا يتهموه، فإن سرورهم سروره وغمهم غمه، وينزلوا على تنصيحه لهم كما كرر إبراهيم عليه السلام في نصيحة أبيه: يا أبت، وأما المجئ بالواو العاطفة فلأن الثاني داخل على كلام هو بيان للمجمل وتفسير له، فأعطى الداخل عليه حكمه في امتناع دخول الواو، وأما الثالث فداخل على كلام ليس بتلك المثابة. يقال دعاه إلى كذا ودعاه له كما تقول هداه إلى الطريق وهداه له (ما ليس لي به علم) أي بربوبيته، والمراد بنفي العلم نفى المعلوم كأنه قال: وأشرك به ما ليس بإله وبإله كيف يصح أن يعلم إلها (لاجرم) سياقه على مذهب البصريين أن يجعل لا ردا لما دعاه إليه قومه، وجرم فعل بمعنى حق وأن مع ما في حيزه فاعله: أي حق ووجب بطلان دعوته أو بمعنى كسب من قوله تعالى - ولا يجر منكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا - أي كسب ذلك الدعاء إليه بطلان دعوته على معنى أنه ما حصل من ذلك إلا ظهور بطلان دعوته. ويجوز أن يقال أن لاجرم نظير لابد فعل من الجرم وهو القطع، كما أن بدا فعل من التبديد وهو التفريق، فكما أن معنى لابد أنك تفعل كذا بمعنى لابعد لك من فعله فكذلك - لاجرم أن لهم النار - أي لاقطع لذلك بمعنى أنهم أبدا يستحقون النار لا انقطاع لاستحقاقهم ولا قطع لبطلان دعوة الأصنام: أي لا تزال باطلة لا ينقطع ذلك فينقلب حق. وروى عن العرب لاجرم أنه يفعل بضم الجيم وسكون الراء بزنة بد وفعل وفعل أخوان كرشد ورشد وعدم وعدم (ليس له دعوة) معناه: أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة إلى نفسه قط: أي من حق المعبود بالحق أن يدعو العباد إلى طاعته، ثم يدعو العباد إليها إظهارا لدعوة ربهم وما تدعون إليه وإلى عبادته لا يدعو هو إلى ذلك ولا يدعى الربوبية ولو كان حيوانا ناطقا لضج من دعائكم، وقوله (في الدنيا ولا في الآخرة) يعنى أنه في الدنيا جماد لا يستطيع شيئا من دعاء وغيره، وفي