فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون. فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين.
____________________
هذا الذي يدعى وهو بشر أنه رسول الله، وما أعجب شأن الضلال لم يرضوا للنبوة ببشر وقد رضوا للإلهية بحجر، وقولهم " ما سمعنا بهذا " يدل على أنهم وآبائهم كانوا في فترة متطاولة أو تكذبوا لأنهما كهمم في ذلك لأنهما كهمم في الغى وتشمرهم لان يدفعوا الحق بما أمكنهم وبما عن لهم من غير تمييز منهم بين صدق وكذب، ألا تراهم كيف جننوه وقد علموا أنه أرجح الناس عقلا وأوزنهم قولا. والجنة الجنون أو الجن: أي به جن يخبلونه (حتى حين) أي احتملوه واصبروا عليه إلى زمان حتى ينجلى أمره عن عاقبة فإن أفاق من جنونه وإلا قتلتموه. في نصرته إهلاكهم فكأنه قال:
أهلكهم بسبب تكذيبهم إياي، أو انصرني بدل ما كذبوني كما تقول هذا بذاك: أي بدل ذاك ومكانه، والمعنى:
أبدلني من غم تكذيبهم سلوة النصرة عليهم، أو انصرني بإنجاز ما وعدتهم من العذاب وهو ما كذبوه فيه حين قال لهم - إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم - (بأعيننا) بحفظنا وكلاءتنا كأن معه من الله حفاظا يكلؤونه بعيونهم لئلا يتعرض له ولا يفسد عليه مفسد عمله، ومنه قولهم: عليه من الله عين كالئة (ووحينا) أي نأمرك كيف تصنع ونعلمك. روى أنه أوحى إليه أن يصنعها على مثال جؤجؤ الطائر. روى أنه قيل لنوح عليه السلام: إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت ومن معك في السفينة، فلما نبع الماء من التنور أخبرته امرأته فركب. وقيل كان تنور آدم عليه السلام وكان من حجارة فصار إلى نوح. واختلف في مكانه، فعن الشعبي في مسجد الكوفة عن يمين الداخل مما يلي باب كندة وكان نوح عمل السفينة وسط المسجد، وقيل بالشام بموضع يقال له عين وردة، وقيل بالهند، وعن ابن عباس رضي الله عنه: التنور وجه الأرض. وعن قتادة: أشرف موضع في الأرض:
أي أعلاه. وعن علي رضي الله عنه: فار التنور طلع الفجر. وقيل معناه: أن فوران التنور كان عند تنوير الفجر.
وقيل هو مثل كقولهم حمى الوطيس والقول هو الأول. يقال سلك فيه دخله وسلك غيره وأسلكه، قال:
* حتى إذا أسلكوهم في قتائدة * (من كل زوجين) من كل أمتي زوجين وهما أمة الذكر وأمة الأنثى كالجمال والنوق والحصن والرماك (اثنين) واحدين مزدوجين كالجمل والناقة والحصان والرمكة. روى أنه لم يحمل إلا ما يلد ويبيض. وقرئ من كل بالتنوين أي من كل أمة زوجين واثنين تأكيد وزيادة بيان. جئ بعلى مع سبق الضار كما جئ باللام مع سبق النافع، قال الله تعالى - إن الذين سبقت لهم منا الحسن - ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين - ونحوه قوله تعالى - لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت - وقول عمر رضي الله عنه: ليتها كانت كفافا لا على ولالى. فإن قلت: لم نهاه عن الدعاء لهم بالنجاة؟ قلت: لما تضمنته الآية من كونهم ظالمين وإيجاب الحكمة أن يغرقوا لا محالة لما عرف من المصلحة في إغراقهم والمفسدة في استبقائهم، وبعد أن أملى لهم الدهر المتطاول فلم
أهلكهم بسبب تكذيبهم إياي، أو انصرني بدل ما كذبوني كما تقول هذا بذاك: أي بدل ذاك ومكانه، والمعنى:
أبدلني من غم تكذيبهم سلوة النصرة عليهم، أو انصرني بإنجاز ما وعدتهم من العذاب وهو ما كذبوه فيه حين قال لهم - إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم - (بأعيننا) بحفظنا وكلاءتنا كأن معه من الله حفاظا يكلؤونه بعيونهم لئلا يتعرض له ولا يفسد عليه مفسد عمله، ومنه قولهم: عليه من الله عين كالئة (ووحينا) أي نأمرك كيف تصنع ونعلمك. روى أنه أوحى إليه أن يصنعها على مثال جؤجؤ الطائر. روى أنه قيل لنوح عليه السلام: إذا رأيت الماء يفور من التنور فاركب أنت ومن معك في السفينة، فلما نبع الماء من التنور أخبرته امرأته فركب. وقيل كان تنور آدم عليه السلام وكان من حجارة فصار إلى نوح. واختلف في مكانه، فعن الشعبي في مسجد الكوفة عن يمين الداخل مما يلي باب كندة وكان نوح عمل السفينة وسط المسجد، وقيل بالشام بموضع يقال له عين وردة، وقيل بالهند، وعن ابن عباس رضي الله عنه: التنور وجه الأرض. وعن قتادة: أشرف موضع في الأرض:
أي أعلاه. وعن علي رضي الله عنه: فار التنور طلع الفجر. وقيل معناه: أن فوران التنور كان عند تنوير الفجر.
وقيل هو مثل كقولهم حمى الوطيس والقول هو الأول. يقال سلك فيه دخله وسلك غيره وأسلكه، قال:
* حتى إذا أسلكوهم في قتائدة * (من كل زوجين) من كل أمتي زوجين وهما أمة الذكر وأمة الأنثى كالجمال والنوق والحصن والرماك (اثنين) واحدين مزدوجين كالجمل والناقة والحصان والرمكة. روى أنه لم يحمل إلا ما يلد ويبيض. وقرئ من كل بالتنوين أي من كل أمة زوجين واثنين تأكيد وزيادة بيان. جئ بعلى مع سبق الضار كما جئ باللام مع سبق النافع، قال الله تعالى - إن الذين سبقت لهم منا الحسن - ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين - ونحوه قوله تعالى - لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت - وقول عمر رضي الله عنه: ليتها كانت كفافا لا على ولالى. فإن قلت: لم نهاه عن الدعاء لهم بالنجاة؟ قلت: لما تضمنته الآية من كونهم ظالمين وإيجاب الحكمة أن يغرقوا لا محالة لما عرف من المصلحة في إغراقهم والمفسدة في استبقائهم، وبعد أن أملى لهم الدهر المتطاول فلم