الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤١
عما يصفون. عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون. قل رب إما تريني ما يوعدون. رب فلا تجعلني في القوم الظالمين. وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون.
ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم.
____________________
ولو كان معه آلهة، وإنما حذف لدلالة قوله - وما كان معه من إله - عليه وهو جواب لمن معه المحاجة من المشركين (عما يصفون) من الأنداد والأولاد (عالم الغيب) بالجر صفة لله وبالرفع خبر مبتدأ محذوف ما والنون مؤكدتان:
أي إن كان لابد من أن تريني ما تعدهم من العذاب في الدنيا أو في الآخرة (فلا تجعلني) قرينا لهم ولا تعذبني بعذابهم عن الحسن: أخبره الله أن له في أمته نقمة، ولم يخبره أفي حياته أم بعد موته، فأمره أن يدعو بهذا الدعاء. فإن قلت: كيف يجوز أن يجعل الله نبيه المعصوم مع الظالمين حتى يطلب أن لا يجعله معهم؟ قلت: يجوز أن يسأل العبد ربه ما علم أنه يفعله وأن يستعيذ به مما علم أنه لا يفعله إظهار للعبودية وتواضعا لربه وإخباتا له، واستغفاره صلى الله عليه وسلم إذا قام من مجلسه سبعين مرة أو مائة مرة لذلك. وما أحسن قول الحسن في قول أبى بكر الصديق رضي الله عنهما: وليتكم ولست بخيركم. كان يعلم أنه خيرهم، ولكن المؤمن يهضم نفسه. وقرئ إما ترئنهم (1) بالهمز مكان تريني كما قرئ ترئن ولترؤن الجحيم وهى ضعيفة وقوله رب مرتين قبل الشرط وقبل الجزاء حث على فضل تضرع وجؤار. كانوا ينكرون الموعد بالعذاب ويضحكون منه واستعجالهم له لذلك، فقيل لهم: إن الله قادر على إنجاز ما وعد إن تأملتم فما وجه هذا الانكار. هو أبلغ من أن يقال بالحسنة السيئة لما فيه من التفضيل كأنه قال: ادفع بالحسنى السيئة، والمعنى: الصفح عن إساءتهم ومقابلتها بما أمكن من الاحسان، حتى إذا اجتمع

(1) (إما ترئنهم) هذه نسخة، وفى أخرى (وإما ترئنى بالهمزة) كما قرئ الخ اه‍ مصححه.
(٤١)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)، الظلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»