____________________
(ولكن أكثرهم لا يعلمون) متعلق بقوله من لدنا: أي قليل منهم يقرون بأن ذلك رزق من عند الله وأكثرهم جهلة لا يعلمون ذلك ولا يفطنون له، ولو علموا أنه من عند الله لعلموا أن الخوف والأمن من عنده، ولما خافوا التخطف إذا آمنوا به وخلعوا أنداده. فإن قلت: بم انتصب رزقا؟ قلت: إن جعلته مصدرا جاز أن ينتصب بمعنى ما قبله: معنى يجبى إليه ثمرات كل شئ ويرزق ثمرات كل شئ واحد. وأن يكون مفعولا له، وإن جعلته بمعنى مرزوق كان حالا من الثمرات لتخصصها بالإضافة كما تنتصب عن النكرة المتخصصة بالصفة. هذا تخويف لأهل مكة من سوء عاقبة قوم كانوا في مثل حالهم من إنعام الله عليهم بالرقود في ظلال الأمن وخفض العيش، فغمطوا النعمة وقابلوها بالأشر والبطر فدمرهم الله وخرب ديارهم. وانتصبت (معيشتها) إما بحذف الجار وإيصال الفعل كقوله تعالى - واختار موسى قومه - وإما على الظرف بنفسها كقوله زيد ظني مقيم أو بتقدير حذف الزمان المضاف، أصله بطرت أيام معيشتها كخفوق النجم ومقام الحاج، وإما بتضمين بطرت معنى كفرت وغمطت.
وقيل البطر: سوء احتمال الغنى وهو أن لا يحفظ حق الله فيه (إلا قليلا) من السكنى. قال ابن عباس رضي الله عنهما : لم يسكنها إلا المسافر ومار الطريق يوما أو ساعة، ويحتمل أن شؤم معاصي المهلكين بقى أثره في ديارهم، فكل من سكنها من أعقابهم لم يبق فيها إلا قليلا (وكنا نحن الوارثين) لتلك المساكن من ساكنيها: أي تركناها على حال لا يسكنها أحد، أو خر بناها وسويناها بالأرض:
تتخلف الآثار عن أصحابها * حينا ويدركها الفناء فتتبع وما كانت عادة ربك أن يهلك القرى في كل وقت (حتى يبعث في) القرية التي هي (أمها) أي أصلها وقصبتها التي هي أعمالها وتوابعها (رسولا) لإلزام الحجة وقطع المعذرة مع علمه أنهم لا يؤمنون، أو وما كان في حكم الله وسابق قضائه أن يهلك القرى في الأرض حتى يبعث في أم القرى: يعنى مكة رسولا، وهو محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وقرئ أمها بضم الهمزة وكسرها لإتباع الجر. وهذا بيان لعدله وتقدسه عن الظلم حيث أخبر بأنه لا يهلكهم إلا إذا استحقوا الإهلاك بظلمهم ولا يهلكهم مع كونهم ظالمين إلا بعد تأكيد الحجة والإلزام ببعثة الرسل، ولا يجعل علمه بأحوالهم حجة عليهم، ونزه ذاته أن يهلكهم وهم غير ظالمين كما قال تعالى - وما كان
وقيل البطر: سوء احتمال الغنى وهو أن لا يحفظ حق الله فيه (إلا قليلا) من السكنى. قال ابن عباس رضي الله عنهما : لم يسكنها إلا المسافر ومار الطريق يوما أو ساعة، ويحتمل أن شؤم معاصي المهلكين بقى أثره في ديارهم، فكل من سكنها من أعقابهم لم يبق فيها إلا قليلا (وكنا نحن الوارثين) لتلك المساكن من ساكنيها: أي تركناها على حال لا يسكنها أحد، أو خر بناها وسويناها بالأرض:
تتخلف الآثار عن أصحابها * حينا ويدركها الفناء فتتبع وما كانت عادة ربك أن يهلك القرى في كل وقت (حتى يبعث في) القرية التي هي (أمها) أي أصلها وقصبتها التي هي أعمالها وتوابعها (رسولا) لإلزام الحجة وقطع المعذرة مع علمه أنهم لا يؤمنون، أو وما كان في حكم الله وسابق قضائه أن يهلك القرى في الأرض حتى يبعث في أم القرى: يعنى مكة رسولا، وهو محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وقرئ أمها بضم الهمزة وكسرها لإتباع الجر. وهذا بيان لعدله وتقدسه عن الظلم حيث أخبر بأنه لا يهلكهم إلا إذا استحقوا الإهلاك بظلمهم ولا يهلكهم مع كونهم ظالمين إلا بعد تأكيد الحجة والإلزام ببعثة الرسل، ولا يجعل علمه بأحوالهم حجة عليهم، ونزه ذاته أن يهلكهم وهم غير ظالمين كما قال تعالى - وما كان