____________________
ومعنى الخذلان منع الألطاف، وإنما يمنعها من علم أنها لا تنفع فيه وهو المصمم على الكفر الذي لا تغنى عنه الآيات والنذر، ومجراه مجرى الكناية لأن منع الألطاف يردف التصميم والغرض بذكره التصميم نفسه، فكأنه قيل: صمموا على الكفر حتى كانوا أئمة فيه دعاة إليه وإلى سوء عاقبته. فإن قلت: فأي فائدة في ترك المردوف إلى الرادفة؟
قلت: ذكر الرادفة يدل على وجود المردوف، فيعلم وجود المردوف مع الدليل الشاهد بوجوده فيكون أقوى لإثباته من ذكره، ألا ترى أنك تقول: لولا أنه مصمم على الكفر مقطوع أمره مثبوت حكمه لما منعت منه الألطاف، فبذكر منع الألطاف يحصل العلم بوجود التصميم على الكفر وزيادة وهو قيام الحجة على وجوده، وينصر هذا الوجه قوله - ويوم القيامة لا ينصرون - كأنه قيل: وخذلناهم في الدنيا وهم يوم القيامة مخذولون كما قال (وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة) أي طردا وإبعادا عن الرحمة (ويوم القيامة هم من المقبوحين) أي من المطرودين المبعدين (بصائر) نصب على الحال، والبصيرة نور القلوب الذي يستبصر به كما أن البصر نور العين الذي تبصر به، يريد آتيناه التوراة أنوارا للقلوب لأنها كانت عمياء لا تستبصر ولا تعرف حقا من باطل وإرشادا لأنهم كانوا يخبطون في ضلال (ورحمة) لأنهم لو عملوا بها وصلوا إلى نيل الرحمة (لعلهم يتذكرون) إرادة أن يتذكروا شبهت الإرادة بالترجي فاستعير لها. ويجوز أن يراد به ترجى موسى عليه السلام لتذكرهم كقوله تعالى - لعله يتذكر - (الغربي) المكان الواقع في شق الغرب وهو المكان الذي وقع فيه ميقات موسى عليه السلام من الطور وكتب الله له في الألواح. والأمر المقضى إلى موسى عليه السلام الوحي إليه والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: وما كنت حاضرا المكان الذي أوحينا فيه إلى موسى عليه السلام ولا كنت (من) جملة (الشاهدين) للوحى إليه أو على الوحي إليه، وهم نقباؤه الذين اختارهم للميقات حتى تقف من جهة المشاهدة على ما جرى من أمر موسى عليه السلام في ميقاته وكتبة التوراة له في الألواح وغير ذلك، فإن قلت: كيف يتصل قوله (ولكنا أنشأنا قرونا) بهذا الكلام ومن أي وجه يكون استدراكا له؟ قلت: اتصاله به وكونه استدراكا له من حيث إن معناه: ولكنا أنشأنا بعد عهد الوحي إلى عهدك قرونا كثيرة (فتطاول) على آخرهم وهو القرن الذي أنت فيهم (العمر) أي أمد انقطاع الوحي واندرست العلوم فوجب إرسالك إليهم فأرسلناك وكسيناك العلم بقصص
قلت: ذكر الرادفة يدل على وجود المردوف، فيعلم وجود المردوف مع الدليل الشاهد بوجوده فيكون أقوى لإثباته من ذكره، ألا ترى أنك تقول: لولا أنه مصمم على الكفر مقطوع أمره مثبوت حكمه لما منعت منه الألطاف، فبذكر منع الألطاف يحصل العلم بوجود التصميم على الكفر وزيادة وهو قيام الحجة على وجوده، وينصر هذا الوجه قوله - ويوم القيامة لا ينصرون - كأنه قيل: وخذلناهم في الدنيا وهم يوم القيامة مخذولون كما قال (وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة) أي طردا وإبعادا عن الرحمة (ويوم القيامة هم من المقبوحين) أي من المطرودين المبعدين (بصائر) نصب على الحال، والبصيرة نور القلوب الذي يستبصر به كما أن البصر نور العين الذي تبصر به، يريد آتيناه التوراة أنوارا للقلوب لأنها كانت عمياء لا تستبصر ولا تعرف حقا من باطل وإرشادا لأنهم كانوا يخبطون في ضلال (ورحمة) لأنهم لو عملوا بها وصلوا إلى نيل الرحمة (لعلهم يتذكرون) إرادة أن يتذكروا شبهت الإرادة بالترجي فاستعير لها. ويجوز أن يراد به ترجى موسى عليه السلام لتذكرهم كقوله تعالى - لعله يتذكر - (الغربي) المكان الواقع في شق الغرب وهو المكان الذي وقع فيه ميقات موسى عليه السلام من الطور وكتب الله له في الألواح. والأمر المقضى إلى موسى عليه السلام الوحي إليه والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: وما كنت حاضرا المكان الذي أوحينا فيه إلى موسى عليه السلام ولا كنت (من) جملة (الشاهدين) للوحى إليه أو على الوحي إليه، وهم نقباؤه الذين اختارهم للميقات حتى تقف من جهة المشاهدة على ما جرى من أمر موسى عليه السلام في ميقاته وكتبة التوراة له في الألواح وغير ذلك، فإن قلت: كيف يتصل قوله (ولكنا أنشأنا قرونا) بهذا الكلام ومن أي وجه يكون استدراكا له؟ قلت: اتصاله به وكونه استدراكا له من حيث إن معناه: ولكنا أنشأنا بعد عهد الوحي إلى عهدك قرونا كثيرة (فتطاول) على آخرهم وهو القرن الذي أنت فيهم (العمر) أي أمد انقطاع الوحي واندرست العلوم فوجب إرسالك إليهم فأرسلناك وكسيناك العلم بقصص