عسق. قال رحمه الله تعالى: هو وجه مستقل في الفواتح كلها لكنه ضعيف، لأن أسماء تعالى تدل على معنى تعظيم وتنزيه وما أشبه ذلك علم ذلك بالاستقرار، والفواتح لا تدل على شئ منها، وأما الدعاء فعلى تأويل يا رب أو يا منزل كما مر (قول فما معنى تسمية السور) أي قد تحقق بما ذكرت وفصلت أنها أسماء السور، فبين لا وجه تسميتها بهذه الألفاظ دون غيرها مع تساويها فيما يقصد بالأعلام من الدلالة على المسمى. والجواب أن الوجه في ذلك الإشعار بأن القرآن ليس إلا كلما عربية معروفة التركيب من مسميات هذه الألفاظ على قانون لغتهم فيكون فيه إيماء إلى الإعجاز والتحدي على سبيل الإيقاظ. ووجه الإشعار أن الأولى في الأعلام المنقولة أن تراعى فيما إذا أمكنت مناسبة بين معانيها الأصلية والعلمية عند التسمية، وربما تلاحظ تلك المناسبة حال الإطلاق بحسب المقامات. ولما كانت السور كلها مركبة من حروف مخصوصة لها أسماء في لغة العرب وجعلت تلك الأسماء أعلاما للسور كان ذلك لتركيبها من تلك الحروف على قاعدة اللغة التي هذه الأسماء منها، فإذا أطلقت عليها لو حظ هذا المعنى لاقتضاء المقام إياه. ولما كان القرآن نوعا واحدا من لغة واحدة كان الإشعار بكون بعض سوره كلما عربية معروفة التركيب من مسميات هذه الألفاظ إشعار بأن مجموعه كذلك، وإنما قال كأن ولم يجزم لأن رعاية المناسبة في الأعلام غير واجبة واقتصر على ذكر الإشعار بأن الفرقان عربي واستشهد له، ولم يذكر الإيماء إلى الإيقاظ اعتمادا على ما سنفصله من الوجه الثاني، فإن ما قصد فيه أصالة يقصد في الأول تبعا كما نبهناك عليه، ومن ثم توهم أنه أراد مجرد الدلالة على كونه عربيا (قوله فما بالها) أراد أن هذه الألفاظ التي جعلت أعلاما للسور هي أسامي الحروف لا نفس الحروف، وقياس الخط أن يكتب كل لفظ على صورته فلماذا خولف القياس ولم
(٩٣)