في الأسماء وقيل أراد بها ما يقابل المجاز في علم البيان إذ قد أطلق ههنا اللازم أعني الفعل وأريد به الملزوم أعني الإتيان بالسورة وأورد عليه أنه حينئذ كناية لا جار مجراها، واعتذر بأن الملازمة ليست متساوية لأن الفعل أعم مطلقا وحصول الانتقال منه بمعونة المقام فلذلك حكم بجريانه مجراها وفيه أنه لا يقدح في كونه كناية حقيقة كما إذا جعل الفعل مطلقا كناية عنه مقيدا بمفعول مخصوص وأيضا قوله يغنيك عن طول المكنى عنه يؤيد الوجه الأول إذ ليس مبنى هذه الكناية على الوجازة إلا أن يقال المراد بها المعنيان معا ثم إنه أوضح وجود الاختصار فيما إذا ذكر أفعال متعددة مقيدة بكيفيات وقيود مخصوصة وعقبه بإيضاحه فيما نحن فيه فإن قيل جاز أن يحذف متعلق الإتيان إذ يجعل هو مطلقا كناية عنه مقيدا بما تعلق به فلا استطالة ودفع الأول بأن إيجاز القصر أبلغ والثاني بأن الاحتراز عن التكرار أولى (قوله ما أثبته عنه) أي جعلته نائبا عنه مأخوذ من ناب منابه: أي قام مقامه وفى الأساس أنبته منابى واستنبته والمشهور في كتب اللغة أناب إليه بمعنى أقبل عليه والجملة الاعتراضية لا محل لها من الإعراب لعدم وقوعها موقع ما تستحقه من المفردات والواو الداخلة عليها تسمى واو اعتراضية ليست حالية ولا عاطفة وقد تدخل عليها فاء اعتراضية أيضا (قوله فإن أنكر) أي أنكر عليك إخبارك بعدم الإقامة وادعى أنك كاذب فيه، فلن لدفع الإنكار وفى قوله (كما تفعل في أنا مقيم وإني مقيم) دلالة على أن الثاني كلام مع المنكر لا السائل كما توهم وإن جاز استعماله معه (قوله لا أن) فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال وسقطت الألف للساكنين وقد استعمل نادرا كما في قوله:
يرجى المرء ما لا أن يلاقى * وتعرض دون أقربه خطوب (مقتضب) أي مرتجل غير مأخوذ من شئ (قوله من أين لك) أي من أين علمت أن القرآن لم يعارض حتى تعلم أن قوله ولن تفعلوا (إخبار بالغيب على ما هو به فيكون معجرة) ولا يخفى أن ورود هذا السؤال على إعجاز القرآن أظهر. والجواب أنه لو عورض بشئ لم يمتنع أي لم ينتف (أن يتواصفه الناس) بل وجب ذلك لتوفر الداوعى فحين لم ينقل علم بعد انقراض عصر المخاطبين ثبوت الإعجاز وصحة الإخبار به وقد سبق منا تتمة الكلام في العلم بهما قبل انقراضه أيضا فتذكر (قوله ما معنى اشتراطه) وجه ذلك بأن اتقاء النار واجب مطلقا