الحاشية على الكشاف - الشريف الجرجاني - الصفحة ٢٥٢
الحصرين باقتضاء المقام حمل عليه وإلا روعي التقديم فكان المقدم محصورا فيما تأخر عنه كما في قولك: العلماء الخاشعون والخاشعون العلماء (قوله وشدة ذكائها) أي توقدها واشتعالها، والذي ذكره الجوهري والأزهرى هو المقصود، يقال ذكت النار تذكو ذكا: أي اشتعلت، وقد وقع في نسخ الأساس بالمد، فإن صح فقد بطل قول المطرزي صوابه ذكاها مقصورا (قوله يدل على ذلك) أي يدل على أن نار الجحيم نيران شتى (تنكير النار) في الآيتين، لأن من المعلوم أن المتوعد بها نار الجحيم، وقد نكرت فيهما موصوفة بصفتين متخالفتين، فدل هذا أعني تنكيرها مع اختلاف الصفة بظاهره على تنوعها وامتياز بعضها عن بعض وإن احتمل أن يكون ذلك للتهويل أو امتيازها عن نيران الدنيا. والأولى في الاستدلال على تنوعها أن يقال: إن قوله تعالى - لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى - دل على اختصاصها بالكافر المعاند، فلا بد أن يكون لسائر الكفرة والفساق نار أخرى (قوله بمكانهم) أي منزلتهم، وقيل لفظ مكان مقحم (قوله وإغراقا في تحسيرهم) هو في نسخ الرواية بالحاء المهملة من الحسرة، وفى بعض النسخ بالمعجمة من الخسار، يقال أغرق الرامي النزع: إذا بالغ فيه، وأغرق الكأس: أي ملأها.
ومنه الاعتراف في القول، وهو المبالغة فيه (قوله وتخصيص بغير دليل) أراد بالتخصيص تقييد المطلق إذ لا عموم في الحجارة ههنا بل أريد بها الجنس. وقد دلت الآية الأخرى على أن الوقود والحجارة ههنا الأصنام، فلذلك حكم بأن هذا المعنى هو الصحيح الواقع المشهود له بمعانى التنزيل، وقد ذكر في سورة التحريم هذا القول مرويا عن ابن عباس ولم يعقبه برد كأنه اكتى بما أورد ههنا، وكم له من نظائر في هذا الكتاب، وقوله (أعدت للكافرين) قيل هذه الجملة صلة بعد صلة بلا عاطف بينهما على قياس ما يقع في الأخبار والصفات، وقيل عطف بترك العاطف كما سيأتيك ذكره في الكشاف، وقيل استئناف، وهو وإن لم يحسن ههنا موقعه لكن يؤيده أن عطف
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»