ما تقتضيه حكمته في تدبيرهم (والله غني) عن جميع خلقه (حميد) على جميع افعاله لأنها كلها إحسان. وقيل (حميد) يدل على أنه يجب على عباده أن يحمدوه.
ثم حكى ما يقول الكفار فقال (زعم الذين كفروا بالله) وجحدوا رسله فقال المؤرج: (زعم) معناه كذب في لغة حمير. وقال شريح (زعم) كنية الكذب والحدة كنية الجهل (أن لن يبعثوا) أي لا يحشرهم الله في المستقبل للحساب والجزاء ف (قل) لهم يا محمد صلى الله عليه وآله (بلى وربي) أي وحق ربي، على وجه القسم (لتبعثن) أي لتحشرن (ثم لتنبؤن) أي لتخبرن (بما عملتم) من طاعة ومعصية (وذلك على الله يسير) سهل لا يتعذر عليه ذلك، وإن كثروا وعظموا فهو كالقليل الذي لا يشق على من يأخذه لخفة أمره، ومثله قوله (ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة) (1) واصله من تيسير الشئ بمروره على سهولة.
ثم قال (فآمنوا بالله) معاشر العقلاء (ورسوله) أي وآمنوا برسوله (النور الذي أنزلنا) يعني القرآن، سماه نورا لما فيه من الأدلة والحجج الموصلة إلى الحق فشبهه بالنور الذي يهتدى به على الطريق (والله بما تعملون خبير) أي عالم بأعمالكم لا يخفى عليه خافية منها.
وقوله (يوم يجمعكم) تقديره واذكروا يوم يجمعكم (ليوم الجمع) وهو يوم القيامة. وقوله (ذلك يوم التغابن) والتغابن هو التفاوت في اخذ الشئ بدون القيمة، والذين اخذوا الدنيا بالآخرة بهذه الصفة في أنهم اخذوا الشئ بدون القيمة، فقد غبنوا أنفسهم بأخذ النعيم المنقطع بالدائم واغبنهم الذين اشتروا الآخرة بترك الدنيا المنقطع إليها من هؤلاء الذين تغابنوا عليها، وقال مجاهد وقتادة: يوم التغابن غبن أهل الجنة أهل النار.
ثم قال (ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا) أي من يصدق بالله ويعترف