وقوله (اولي النعمة) معناه ذوي النعمة أي أصحاب النعمة، والنعمة - بفتح النون - لين الملمس وضدها الخشونة، ومعناه (وذرني والمكذبين) أي ارض بعقاب المكذبين لست تحتاج إلى أكثر من ذلك كما يقال: دعني وإياه، فإنه يكفيه ما ينزل به من غير تقصير مما يقع به، وهذا تهدد شديد.
وقوله (ومهلهم قليلا) أي اخرهم في المدة قليلا فالتمهيل التأخير في المدة، وقد يكون التأخير في المكان، فلا يسمى تمهيلا، فإذا كان في المدة فهو تمهيل كما أن التأخير في الأجل تأجيل آخر.
وقوله (إن لدينا انكالا) أي قيودا - في قول مجاهد وقتادة - واحدها نكل (وجحيما) أي نارا عظيمة، وجحيم اسم من أسماء جهنم (وطعاما ذا غصة) قال ابن عباس: معناه ذا غصة بشوك يأخذ الحلق، فلا يدخل ولا يخرج. وقيل:
معناه يأخذ بالحلقوم لخشونته وشدة تكرهه (وعذابا أليما) أي عقابا موجعا مؤلما.
ثم بين متى يكون ذلك فقال (يوم ترجف الأرض) أي اعتدنا هذه الأنواع من العذاب في يوم ترجف الأرض أي تتحرك باضطراب شديد (والجبال) أي وترجف الجبال معها أيضا (وكانت الجبال كثيبا مهيلا) قال ابن عباس: تصير الجبال رملا سائلا متناثرا، فالكثيب الرمل المجتمع الكثير، ومهيل مفعول من هلت الرمل اهيله وذلك إذا حرك أسفله فسال أعلاه، ويقال: مهيول كما يقال مكيل ومكيول، وانهال الرمل انهيالا و (الغصة) تردد اللقمة في الفم لا يسيغها الذي يروم أكلها قال الشاعر:
لو بغير الماء حلقي شرق * كنت كالغصان بالماء اعتصاري (1)