(ويوم تشقق السماء بالغمام) (1) وقال الزجاج: سماه يوما، لان الملائكة تعرجه في مقدار يوم واحد. ثم أمر نبيه فقال (فاصبر صبرا جميلا) أي لا شكوى فيه على ما تقاسيه من أذى قومك، وتكذيبهم إياك فيما تخبر به من أمر الآخرة. قال الزجاج: ذلك قبل أن يؤمر بالقتال.
وقوله تعالى (إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا) اخبار من الله تعالى أنه يعلم مجئ يوم القيامة وحلول العقاب بالكفار قريبا، ويراه أي يظنه الكفار بعيدا، لأنهم لا يعتقدون صحته، وكل ما هو آت قريب، وهذا على وجه الانكار عليهم استبعادهم يوم الجزاء، وتوهمهم أنه بعيد. وبين أنه تعالى يراه قريبا بما يعلمه من حصوله، وإنما جاز أن يقال في توهمهم: يرونه لأنهم يتوهمونه، وهم عند أنفسهم يرونه، فجاء على مزاوجة الكلام الذي ينبئ عن المعنى من غير اخلال. وقيل: معنى إنهم يرون العذاب الذي سألوا عنه بعيدا، لأنهم لا يؤمنون به، ونراه قريبا لان كل ما هو آت قريب.
ثم وصف الله تعالى يوم القيامة فقال (يوم تكون السماء كالمهل) قال الزجاج:
المهل دردي الزيت، وقال مجاهد: هو عكر الزيت. وقال قوم: هو الصفر المذاب.
وقال قوم: المهل هو الجاري بغلظة وعكرة على رفق: من أمهله إمهالا، وتمهل تمهلا (وتكون الجبال كالعهن) فالعهن الصوف المنفوش، وذلك أن الجبال تقطع حتى تصير بهذه الصفة، كما أن السماء تشقق بالغمام وتكون كالمهل.
وقوله (ولا يسأل حميم حميا) فالحميم القريب النسب إلى صاحبه الذي يحمى لغضبه وأصله القرب قال الشاعر:
احم الله ذلك من لقاء * أحاد آحاد في الشهر الحلال (2)