فالتقول تكلف القول من غير رجوع إلى حق، والتقول والتكذب والتزيد بمعنى واحد (لاخذنا منه باليمين) جواب القسم، ومعناه أحد وجهين:
أحدهما - لاخذنا بيده التي هي اليمين على وجه الاذلال، كما يقول السلطان يا غلام خذ بيده فإنه على وجه الإهانة، قال الحسن: معناه لقطعنا يده اليمين.
والثاني - لاخذنا منه بالقوة كما قال الشاعر:
إذا ما راية رفعت لمجد * تلقاها عرابة باليمين (1) وقوله (لقطعنا منه الوتين) قال ابن عباس وسعيد بن جبير: الوتين نياط القلب. وقال مجاهد وقتادة والضحاك: هو عرق في القلب متصل بالظهر إذا قطع مات الانسان، قال الشماخ بن ضرار الثعلبي:
إذا بلغتني وحملت رحلي * عرابة فأشر في ندم الوتين (2) وقوله (فما منكم من أحد عنه حاجزين) معناه ليس أحد يمنع غيره من عقاب الله بأن يكون حائلا بينه وبينه، فالحاجز هو الحائل بين الشيئين. وإنما قال (حاجزين) بلفظ الجمع، لان (أحدا) يراد به الجمع وإن كان بصيغة الواحد.
ثم قال (وانه لتذكرة للمتقين) قسم من الله تعالى أن هذا القرآن تذكرة وعظة للمتقين، وهو قول قتادة، وإنما اضافه إلى المتقين، لأنهم المنتفعون به، فالتذكرة العلامة التي يذكر بها المعنى، ذكره تذكرة، فهو مذكر، كقولك جزاه تجزية وجزاه تجزية، فالمتقي يتذكر القرآن بأن يعمل عليه في أمر دينه في اعتقاد أو عمل به فيتميز الجائز مما لا يجوز، والواجب مما ليس بواجب، والصحيح مما لا يصح.
وقوله (وإنا لنعلم أن منكم مكذبين) عطف على جواب القسم، ومعناه