لان ذلك لا يقدر عليه غير الله. والشمس والقمر وجه الدلالة فيهما أن الاجرام الثقيلة لا تقف بغير عمد ولا تتصرف على غير قرار ولا عماد إلا أن يصرفهما قادر ليس كالقادرين من الأجسام التي تحتاج في نقلها وتمسكها إلى غيرها، وكل جسم ثقيل يصرف من غير عماد فمصرفه هو الله تعالى. والافعال الدالة على الله تعالى على وجهين:
أحدهما - مالا يقدر عليه إلا هو كخلق الحياة والقدرة والأجسام وغير ذلك والآخر - أنه إذا وقع على وجه مخصوص لا يتأتى من القادر بقدرة وإن كان جنسه مقدورا للعباد كتسكين الأرض من غير عمد وتصرف الشمس والقمر بكونها مرة صاعدة ومرة هابطة ومرة طالعة ومرة غاربة مع ثقل أجرامهما وبعدهما من عماد لها أعظم دلالة على أن لهما مصرفا ومدبرا لا يشبههما ولا يشبهه شئ. قال تعالى " لا تسجدوا للشمس ولا للقمر " كما يفعل قوم من المجوس بل " اسجدوا لله الذي خلقهن " وأنشأهن. وإنما قال " خلقهن " لأنه أجري مجرى جمع التكسير، ولم يغلب المذكر على المؤنث، لأنه في مالا يعقل. وقال الزجاج: تقديره الذي خلق هذه الآيات " إن كنتم إياه تعبدون " أي ان كنتم تقصدون بعبادتكم الله فوجهوا العبادة إليه دون الشمس والقمر. ثم قال " فان استكبروا " يعني هؤلاء الكفار أي تكبروا عن توجيه العبادة إلى الله وأبوا إلا عبادة الأصنام " فالذين عند ربك " يعني من الملائكة " يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون " أي لا يفترون من عبادته ولا يملونه. والسجود عند أصحابنا عند قوله " إن كنتم إياه تعبدون " وهو مذهب أبي عمرو بن العلا. وعند الباقين عند قوله " وهم لا يسأمون ".
ثم قال تعالى " ومن آياته " أي من أدلته الدالة على توحيده وإخلاص العبادة له " إنك ترى الأرض خاشعة " يعني دارسة مهشمة - في قول قتادة