التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ١٣١
يعمل عليها فيه. واصل الذكر ضد السهو وهو حضور المعنى للنفس " لما جاءهم " أي حين جاءهم، وخبر (ان) محذوف، وتقديره: إن الذين كفروا بالذكر هلكوا به وشقوا به ونحوه. وقيل تقديره: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم كفروا به، فحذف لدلالة الكلام عليه. وقيل خبره " أولئك ينادون من مكان بعيد " وقيل قوله " وانه لكتاب عزيز " في موضع الخبر، وتقديره الكتاب الذي جاءهم عزيز، وقوله " وإنه " الهاء كناية عن القرآن، والمعنى وإن القرآن لكتاب عزيز بأنه لا يقدر أحد من العباد على أن يأتي بمثله، ولا يقاومه في حججه على كل مخالف فيه. وقيل: معناه إنه عزيز باعزاز الله - عز وجل - إياه إذ حفظه من التغيير والتبديل. وقيل: هو عزيز حيث جعله على أتم صفة الاحكام. وقيل:
معناه انه منيع من الباطل بما فيه من حسن البيان ووضوح البرهان، ولان احكامه حق يقضي بصحتها العقل.
وقوله " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " قيل في معناه أقوال خمسة:
أحدها - انه لا تعلق به الشبهة من طريق المشاكلة، ولا الحقيقة من جهة المناقضة وهو الحق المخلص والذي لا يليق به الدنس.
والثاني - قال قتادة والسدي: معناه لا يقدر الشيطان أن ينقص منه حقا ولا يزيد فيه باطلا.
الثالث - ان معناه لا يأتي بشئ يوجب بطلانه مما وجد قبله ولا معه ولا مما يوجد بعده. وقال الضحاك: لا يأتيه كتاب من بين يديه يبطله ولا من خلفه أي ولا حديث من بعده يكذبه.
الرابع - قال ابن عباس: معناه لا يأتيه الباطل من أول تنزيله ولا من آخره.
والخامس - ان معناه لا يأتيه الباطل في اخباره عما تقدم ولا من خلفه
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست