التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٨٦
وهم الذين يشهدون بالحق للمؤمنين وأهل الحق وعلى المبطلين والكافرين بما قامت به الحجة يوم القيامة وفى ذلك سرور المحق وفضيحة المبطل في ذلك المجمع العظيم والمحفل الكبير. وقال قتادة الاشهاد الملائكة والأنبياء والمؤمنون وقال مجاهد: هم الملائكة. ثم بين سبحانه وتعالى اليوم الذي يقوم فيه الاشهاد، فقال " يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم " فالمعذرة والاعتذار واحد. وإنما نفى ان تنفعهم المعذرة في الآخرة مع كونها نافعة في دار التكليف لان الآخرة دار الالجاء إلى العمل، والملجأ غير محمود على العمل الذي ألجئ إليه، لأنه لا يعمله لداعي الحكمة إلى ما يمكنه أن يعمله ولا يعمله فيضمن الحمد على فعله. وقيل: إنما لم يقبل معذرتهم، لأنهم يعتذرون بالباطل - في قولهم والله ربنا ما كنا مشركين.
ثم بين تعالى إن لهم مع بطلان معذرتهم اللعنة، وهي الابعاد من رحمة الله والحكم عليهم بدوام العقاب ولهم سوء الدار وهو عذاب النار نعوذ بالله منها. والظالمين الذين لا تنفعهم المعذرة هم الذين ظلموا أنفسهم أو غيرهم بارتكاب المعاصي التي يستحق بها دوام العقاب.
ثم اخبر تعالى على وجه القسم فقال " ولقد آتينا موسى الهدى " أي أعطيناه التوراة فيها أدلة واضحة على معرفة الله وتوحيده وأنزلنا عليه الكتاب وأورثناه بني إسرائيل يعني التوراة، وهدى يعني أدلة واضحة على معرفة الله وتوحيده و " ذكرى " أي ما يتذكر به أولوا الألباب، وإنما خص العقلاء بذلك، لأنهم الذين يتمكنون من الانتفاع به دون من لا يعقل.
ثم أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله فقال " فاصبر " يا محمد على أذى قومك وتحمل المشقة في تكذيبهم إياك " إن وعد الله حق " الذي وعدك به من الثواب والجنة لمن أطاعك والنار والعقاب لمن عصاك حق لا خلف له. واطلب أيضا المغفرة لذنبك.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»
الفهرست