التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٩٥
قوله " إذا الاغلال " متعلق بقوله " فسوف يعلمون.. إذ الاغلال " أي يعلمون في حال ما تجعل الاغلال وهي جمع غل، وهو طرق يدخل في العنق للألم والذل. وأصله الدخول من قولهم: انغل في الشئ إذا دخل فيه. والغلول الخيانة التي تصير كالغل في عنق صاحبها، والأعناق جمع عنق وهو مركب الرأس بين البدن وبينه، وقوله " فاضربوا فوق الأعناق " (1) أي أصل الرأس وما والاه، وقوله " والسلاسل " أي وتجعل السلاسل أيضا في أعناقهم. وقرأ ابن عباس " والسلاسل " بالنصب " يسحبون " بفتح الياء بمعنى يسحبون السلاسل.
وحكي عنه الجر أيضا بتقدير، وهم في السلاسل يسبحون. والجر ضعيف عند النحويين، لان حرف الجر لا يجوز إضماره وأجاز بعضهم ذلك على ضعفه بأن يتوهم أن التقدير إذ الاغلال في الأعناق. والسلاسل جمع سلسلة وهي حلق منتظمة في جهة الطول مستمرة. ويقال: تسلسلت المعاني إذا استمرت شيئا قبل شئ كالسلسلة الممدودة، وقوله " يسحبون " أي يجرون على الأرض. وموضع " يسحبون " النصب على الحال، وتقديره إذ الاغلال والسلاسل في أعناقهم مسحوبين على النار والسحب جر الشئ على الأرض، هذا أصله يقال: سحب عليه ما يلزمه من الأصل الفاسد، ويسحب الكافر على وجهه في النار سحبا " في الحميم " وهو الماء الذي يبلغ الغاية في الحرارة " ثم في النار يسجرون " فالسجر القاء الحطب في معظم النار كالتنور الذي يسجر بالوقود، فهؤلاء الكفار لجهنم كالسجار للتنور " ثم قيل لهم " على وجه التوبيخ لا يلام قلوبهم كايلام أبدانهم بالتعذيب " أينما كنتم تشركون من دون الله " فتوجهون العبادة إليه من الأصنام والأوثان فيخلصوكم وينصروكم من عذاب الله " قالوا " في الجواب " ضلوانا عنا " ثم يستدركون

(1) سورة 8 الأنفال آية 12
(٩٥)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست