التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٢٩
للحق بالانقياد له، ومثله الخضوع وضده قسوة القلب. والحق ما دعا إليه العقل وهو الذي من عمل به نجا ومن عمل بخلافه هلك، والحق مطلوب كل عاقل في نظره وإن أخطأ طريقه، والقسوة غلظ القلب بالجفاء عن قبول الحق، قسا قلبه يقسو قسوة، فهو قاس.
(وما نزل من الحق) من خفف أضاف النزول إلى الحق ومن شدد أراد ما نزله الله من الحق (ولا يكونوا) أي وألا تكونوا (كالذين أوتوا الكتاب) من اليهود والنصارى (من قبل) أي من قبلهم فيكون موضعه نصبا. ويحتمل أن يكون مجزوما على النهي (فطال عليهم الأمد) يعني المدة والوقت، فان أهل الكتاب لما طال عليهم مدة الجزاء على الطاعات (فقست قلوبهم) حتى عدلوا عن الواجب وعملوا بالباطل. وقيل: معناه طال عليهم الأمد ما بين زمانهم وزمن موسى. وقيل: طال عليهم الأمد ما بين نبيهم وزمن موسى. وقيل طال أمد الآخرة (فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) خارجون عن طاعة الله تعالى إلى معصيته فلا تكونوا مثلهم فيحكم الله فيكم بمثل ما حكم فيهم.
ثم قال (اعلموا ان الله يحيي الأرض بعد موتها) بالجدب والقحط فكذلك يحيي الكافر بالهدى إلى الايمان بعد موته بالضلال بأن يلطف له ما يؤمن عنده.
ثم قال (قد بينا لكم الآيات) يعني الحجج الواضحات والدلائل البينات (لعلكم تعقلون) أي لكي تعقلوا وترجعوا إلى طاعته وتعملوا بما يأمركم به.
وقوله (إن المصدقين والمصدقات) من شدد أراد المتصدقين إلا أنه أدغم التاء في الصاد، ومن خفف أراد الذين صدقوا بالحق (وأقرضوا الله قرضا حسنا) أي انفقوا مالهم في طاعة الله وسبيل مرضاته. ثم بين ما أعد لهم من الجزاء فقال
(٥٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 ... » »»
الفهرست