التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٢٦
والاكرام مع الحمد بالاحسان على طريق الدوام، فكل ما فعل من أجل الثواب فالنعمة به أجل والاحسان به أعظم.
وقوله (يوم يقول المنافقون والمنافقات) يجوز أن يتعلق (يوم) بقوله (ذلك هو الفوز العظيم.. يوم) أي في يوم، ويجوز أن يكون على تقدير واذكر يوم يقول المنافقون والمنافقات (للذين آمنوا) ظاهرا وباطنا (انظرونا) فمن قطع الهمزة أراد أخرونا ولا تعجلوا علينا واستأخروا نستضئ بنوركم. ومن وصلها أراد ينظرون. وقيل: انظرني أيضا بمعنى انتظرني، قال عمرو ابن أم كلثوم:
أبا هند فلا تعجل علينا * وانظرنا نخبرك اليقينا (1) ويقال: انظرني بمعنى أخرني. وقوله (نقتبس من نوركم) فالنور الضياء، وهو ضد الظلمة، وبالنور يستضاء في البصر وفي الأمور، وفي البصر نور وكذلك في النار. ومعنى (نقتبس) نأخذ قبسا من نوركم، وهو جذوة منه فقالوا لهم (ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا) أي ارجعوا إلى خلفكم فاطلبوا النور فإنه لا نور لكم عندنا، فإذا تأخروا ضرب الله بينهم بسور. ومن وصلها أراد انتظرونا.
ثم اخبر تعالى فقال (فضرب بينهم) يعني بين المؤمنين وبين المنافقين (بسور) والباء زائدة وهو المضروب بين الجنة والنار (له باب باطنه فيه الرحمة) لان فيه الجنة (وظاهره من قبله العذاب) يعني من قبل المنافقين العذاب، لكون جهنم هناك.
ثم حكى الله تعالى أنهم (ينادونهم) يعني المنافقون فيقولون لهم (ألم نكن معكم) في دار الدنيا ومخالطين لكم ومعاشرين، فيجيبهم المؤمنون فيقولون (بلى) كنتم معنا (ولكنكم فتنتم أنفسكم) أي تعرضتم للفتنة وتربصتم بالمؤمنين

(١) تفسير القرطبي ١٧ / 245 والطبري 27 / 116
(٥٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 531 ... » »»
الفهرست