هو الغني الحميد) ومعناه إنه تعالى الغني عن جميع خلقه محمود في جميع افعاله، فمنع هؤلاء حقوق الله لا يضره، وإنما ضرر ذلك عليهم.
ثم اقسم تعالى فقال (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات) يعني الدلائل والحجج الواضحة (وأنزلنا معهم الكتاب) أي مكتوبا فيه ما يحتاج الخلق إليه كالتوراة والإنجيل والقرآن (والميزان) أي وأنزلنا الميزان وهو ذو الكفتين. وقيل: المراد به العدل (ليقوم الناس بالقسط) يعني بالعدل في الأمور (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد) إخبار من الله تعالى انه الذي انزل الحديد. وروي ان الله تعالى أنزل مع آدم العلاءة - يعني السندان والمطرقة والكيتين - من السماء، وهذا صحيح ولا بد منه، لان الواحد منا لا يمكنه أن يفعل آلات من حديد وغيرها إلا بآلات قبلها، وينتهي إلى آلات يتولى الله صنعها تعالى الله علوا كبيرا.
وقوله (فيه بأس شديد) أي يمتنع به ويحارب به " ومنافع للناس " أي وفيه منافع للناس كأدواتهم وآلاتهم وجميع ما يتخذ من الحديد من آلات ينتفع بها كالسكين وغيرها (وليعلم الله من ينصره ورسله) أي فعلت ذلك لما لهم فيه من النفع به، وليعلم الله من ينصره بنصرة موجودة، ومن يجاهد مع نبيه جهادا موجودا (بالغيب) أي ينصر الله ورسله ظاهرا وباطنا (إن الله قوي عزيز) أي قادر على ما يصح أن يكون مقدورا له لا يقدر أحد على قهره ولا على منعه. وقيل: في جواب قوله (الذين يبخلون) قولان:
أحدهما - إنه محذوف كما حذف في قوله (ولو أن قرآنا سيرت به الجبال) (1) وتقديره الذين يبخلون فهم يستحقون العذاب والعقوبة.
وقيل: أيضا جوابه جواب قوله (ومن يتولى) فعطف بجزاءين على جزاء