التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٢٥
والقرض اخذ الشئ من المال باذن صاحبه بشرط ضمان رده، وأصله القطع، فهو قطعه عن مالكه باذنه لانفاقه على رد مثله. والعرب تقول: لي عندك قرض صدق وقرض سوء إذا فعل به خيرا أو شرا قال الشاعر:
ونجزي سلامان بن مفرح قرضها * بما قدمت أيديهم وأزلت (1) وقوله (فيضاعفه له) فالمضاعفة الزيادة على المقدار مثله أو أمثاله، وقد وعد الله بالحسنة عشر أمثالها، والانفاق في سبيل الله حسنة فهو داخل في هذا الوعد ومن شدد العين، فلان الله وعد بالحسنة عشر أمثالها. ومن ضم الفاء جعله عطفا على من ذا الذي يقرض فيضاعفه أو على تقدير فهو يضاعفه. ومن نصب فلانه جواب الاستفهام.
وقوله (وله أجر كريم) معناه إن له مع مضاعفة ما أنفقه اجرا زائدا كريما، فالكريم الذي من شأنه ان يعطي الخير العظيم، فلما كان الاجر يعطي النفع العظيم، كان الاجر كريما، لأنه يوجد شرف النفع بما لا يلحقه ما ليس بأجر.
وقوله (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبايمانهم) ف‍ (يوم) يتعلق بقوله (لهم اجر كريم.. يوم ترى) قال قتادة: معناه إنه يسعى نورهم أي الضياء الذي يرونه (بين أيديهم وبأيمانهم) وقال الضحاك: نورهم هداهم.
قال (وبأيمانهم) كتبهم. وقيل (وبأيمانهم) معناه وعن أيمانهم. وقيل: وفي أيمانهم. وقوله (بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار " أي تجري تحت أشجارها الأنهار، أي يقال لهم: الذي تبشرون به اليوم جنات تجرى من تحتها الأنهار (خالدين فيها) أي مؤبدين لا يفنون.
ثم قال (ذلك هو الفوز العظيم) فعظم الفوز والفلاح يتضمن اجلال النعمة

(1) قائله الشنفري، تفسير الطبري 27 / 115
(٥٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 ... » »»
الفهرست