التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٢٢
فيه) قال الحسن: معناه ما أستخلفكم فيه بوراثتكم إياه عمن كان قبلكم.
ثم بين ما يكافيهم به إذا فعلوا ذلك، فقال (فالذين آمنوا منكم) بما أمرتهم بالايمان به (وانفقوا) مما دعوتهم إلى الانفاق فيه (لهم مغفرة) من الله لذنوبهم (واجر كبير) أي وثواب عظيم.
ثم قال الله تعالى على وجه التوبيخ لهم (ومالكم) معاشر المكلفين (لا تؤمنون بالله) وتعترفون بوحدانيته واخلاص العبادة له (والرسول يدعوكم) إلى ذلك (لتؤمنوا بربكم) أي لتعترفوا به وتقروا بوحدانيته (وقد أخذ ميثاقكم) معناه إنه لما ذكر تعالى دعاء الرسول إلى الايمان بين انه قد اخذ ميثاقكم أيضا به، ومعنى اخذ ميثاقكم انه نصب لكم الأدلة الدالة إلى الايمان بالله ورسوله ورغبكم فيه وحثكم عليه وزهدكم في خلافه، ومعنى (إن كنتم مؤمنين) اي إن كنتم مؤمنين بحق فالايمان قد ظهرت أعلامه ووضحت براهينه:
ثم قال (هو الذي ينزل على عبده) يعني ان الله تعالى هو الذي ينزل على محمد صلى الله عليه وآله (آيات بينات) أي حججا وأدلة واضحة وبراهين نيرة (ليخرجكم من الظلمات إلى النور) ومعناه فعل بكم ذلك ليخرجكم من الضلال إلى الهدى - في قول مجاهد وغيره - وفي ذلك دلالة على بطلان قول المجبرة: إن الله تعالى خلق كثيرا من خلقه ليكفروا به ويضلوا عن دينه. وإنما أخرجهم من الضلال إلى الهدى بما نصب لهم من الأدلة التي إذا نظروا فيها أفضى بهم إلى الهدى والحق، فكأنه أخرجهم من الضلال، وإن كان الخروج من الضلال إلى الهدى من فعلهم، وسمى الدلالة نورا، لأنه يبصر بها الحق من الباطل، وكذلك العلم، لأنه يدرك به الأمور كما تدرك بالنور، فالقرآن بيان الاحكام على تفصيلها ومراتبها.
وقوله (إن الله بكم لرؤف رحيم) اخبار منه تعالى أنه بخلقه رؤوف رحيم.
(٥٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 ... » »»
الفهرست