التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٢٣
والرأفة والرحمة من النظائر.
وقوله " وما لكم أن لا تنفقوا في سبيل الله " استبطأهم في الانفاق في سبيل الله الذي رغبهم بالانفاق فيها.
وقوله " ولله ميراث السماوات والأرض " قد بينا أن جميع ما يملكونه في الدنيا يرجع إلى الله، ويزول ملكهم عنه، فان أنفقوه كان ثواب ذلك باقيا لهم.
وقوله " لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل.. " بين الله تعالى أن الانفاق قبل الفتح في سبيل الله إذا انضم إليه الجهاد في سبيله أكثر ثوابا عند الله، والمراد بالفتح فتح مكة وفي الكلام حذف، لان تقديره لا يستوى هؤلاء مع الذين أنفقوا بعد الفتح، والكلام يدل عليه. وإنما امتنع مساواة من انفق بعده لمن انفق قبله، لعظم العناية الذي لا يقوم غيره مقامه فيه، في الصلاح في الدين وعظم الانتفاع به، كمالا يقوم دعاء غير النبي صلى الله عليه وآله إلى الحق مقام دعائه ولا يبلغه أبدا، وليس في الآية دلالة على فضل انسان بعينه ممن يدعى له الفضل، لأنه يحتاج أن يثبت ان له الانفاق قبل الفتح، وذلك غير ثابت. ويثبت أن له القتال بعده.
ولما يثبت ذلك أيضا فكيف يستدل به على فضله.
فأما الفتح فقال الشعبي: أراد فتح الحديبية. وقال زيد بن اسلم، وقتادة:
أراد به فتح مكة. ثم سوى تعالى بين الكل في الوعد بالخير والجنة والثواب فيها - وإن تفاضلوا في مقاديره - فقال " وكلا وعد الله الحسنى " يعني الجنة والثواب فيها " والله بما تعملون خبير " لا يخفى عليه شئ من ذلك من انفاقكم وقتالكم وغير ذلك فيجازيكم بحسب ذلك.
قوله تعالى:
(من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله
(٥٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 ... » »»
الفهرست