هذا على النشأة الثانية يكونها الله في وقت لا يعلمه العباد، ولا يعلمون كيفيته، كما علموا الانشاء الأول من جهة التناسل. وقيل: معناه لو أردنا أن نجعل منكم القردة والخنازير لم يعييننا ذلك، ولا سبقنا إليه سابق. ويجوز أن يقال: أمثال متفقة، ولا يجوز أن يقال أجناس متفقة، لان المثل ينفصل بالصورة كما ينفصل رجل عن رجل بالصورة، وما انفصل بالصورة يجوز جمعه، لان الصورة قد منعت أن تجري على الكثير منه صفة التوحيد، فلا يجوز أن يقال هؤلاء الرجال كلهم رجال واحد ويجوز هذا الماء كله ماء واحد، وهذه المذاهب كلها مذهب واحد، ولا يجوز هؤلاء الأمثال كلهم أمثال واحد، لأنهم ينفصلون بالصورة. وجرى مجرى المختلفة في أنه لا يقع على صفة التوحيد.
قوله تعالى:
(ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون (62) أفرأيتم ما تحرثون (63) أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون (64) لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون (65) إنا لمغرمون (66) بل نحن محرومون (67) أفرأيتم الماء الذي تشربون (68) أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون (69) لو نشاء جعلناه أجاجا فلو لا تشكرون) (71) تسع آيات بلا خلاف.
قرأ أبو بكر " أإنا لمغرمون " على الاستفهام. الباقون على الخبر.
يقول الله تعالى مخاطبا للكفار الذين أنكروا النشأة الثانية، ومنبها لهم على قدرته عليها، فقال (ولقد علمتم النشأة الأولى فهلا تذكرون) وتفكرون وتعتبرون