التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٠٨
قادر عليه. قيل: الطبع غير معقول، فلا يجوز أن يسند إليه الافعال، ولو جاز ذلك للزم في جميع افعال الله، وذلك باطل ولو كان معقولا لكان ذلك الطبع لابد أن يكون في الشجر والله تعالى الذي أنشأ الشجرة وما فيها، فقد رجع إلى قادر عليه وإن كان بواسطة، ولو جاز أن تكون النار من غير قادر عليها لجاز أن يكون من عاجز، لأنه إذا امتنع الفعل ممن ليس بقادر عليه منا، لأنه فعل، وكل فعل ممتنع ممن ليس بقادر عليه.
وقوله " نحن جعلناها " يعني تلك النار " تذكرة ومتاعا للمقوين " أي جعلنا النار تذكرة للنار الكبرى، وهي نار جهنم، فيكون ذلك زجرا عن المعاصي التي يستحق بها النار - في قول مجاهد وقتادة - ويجوز أن يكون المراد تذكرة يتذكر بها ويتفكر فيها ويعتبر بها، فيعلم انه تعالى قادر على النشأة الثانية، كما قدر على إخراج النار من الشجر الرطب. وقوله " ومتاعا للمقوين " يعني ينتفع بها المسافرون الذين نزلوا الأرض القي وهي القفر، قال الراجز:
قي يناصيها بلاد قي (1) وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك: للمقوين المسافرين، وقيل: هو من أقوت الدار إذا خلت من أهلها قال الشاعر:
أقوى واقفر من نعم وغيرها * هوج الرياح بها في الترب موار (2) وقد يكون المقوي الذي قويت خيله ونعمه في هذا الموضع.
ثم أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله والمراد به جميع المكلفين بأن " سبح بحمد ربك العظيم " أي نزه الله تعالى عما لا يليق به وأدعه باسمه العظيم.
وقوله " فلا اقسم بمواقع النجوم " قال سعيد به جبير: (لا) صلة والتقدير

(1) اللسان (قوا) (2) تفسير الطبري 27 / 104
(٥٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 ... » »»
الفهرست