التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٥٠٩
أقسم. وقال الفراء: هي نفي بمعنى ليس الامر كما تقولون. ثم استؤنف " اقسم " وقيل (لا) تزاد قبل القسم، كقولك لا والله لا افعل، ولا والله ما كلمت زيدا وقال امرؤ القيس:
لا وأبيك ابنة العامري * لا يدعي القوم اني أفر (1) بمعنى وأبيك و (لا) زائدة و " مواقع النجوم " قال ابن عباس ومجاهد أي القرآن، لأنه أنزل نجوما. وقال مجاهد - في رواية أخرى - وقتادة: يعني مساقط نجوم السماء ومطالعها. وقال الحسن: معناه انكدارها وهو انتشارها يوم القيامة، ومن قرأ " بموقع " فلانه يقع على الكثير والقليل. ومن قرأ على الجمع، فلاختلاف أجناسه.
وقوله " وإنه لقسم لو تعلمون عظيم " اخبار من الله تعالى بأن هذا القسم الذي ذكره بمواقع النجوم لقسم عظيم لو تعلمون عظمه لانتفعتم بعلمه. والقسم جملة من الكلام يؤكد بها الخبر بما يجعله في قسم الصواب دون الخطأ على طريقة بالله إنه لكذا. وقال أبو علي الجبائي: القسم في كل ما ذكر في القرآن من المخلوقات إنما هو قسم بربه، وهذا ترك الظاهر من غير دليل، لأنه قد يجوز ذلك على جهة التنبيه على ما في الأشياء من العبرة والمنفعة. وقد روي أنه لا ينبغي لاحد أن يقسم إلا بالله، ولله ان يقسم بما يشاء من خلقه، فعلى هذا كل من اقسم بغير الله أو بشي من صفاته من جميع المخلوقات أو الطلاق أو العتاق لا يكون ذلك يمينا منعقدة، بل يكون كلاما لغوا. والعظيم هو الذي يقصر عن مقداره غيره فيما يكون منه، وهو على ضربين: أحدهما - عظيم الشخص، والآخر - عظيم الشأن.
وقوله " إنه لقرآن كريم " معناه إن الذي تلوناه عليكم لقرآن تفرقون به

(1) ديوانه (السندوبى) 94
(٥٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 ... » »»
الفهرست