التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٤٨
واحدها عين، وهو ماء يفور من الأرض مستدير كاستدارة عين الحيوان، والعين مشتركة بين عين الحيوان وعين الماء وعين الميزان وعين الذهب وعين السحابة وعين الركبة " فالتقى الماء على أمر قد قدر " معناه إن المياه كانت تجري من السماء ومن الأرض على ما أمر الله به وأراده وقدره. وإنما قال " فالتقى الماء " والمراد به ماء السماء وماء الأرض، ولم يثن، لأنه اسم جنس يقع على القليل والكثير " على أمر قد قدر " فيه هلاك القوم في اللوح المحفوظ. وقيل: معناه إنه كان قدر ماء السماء مثل ما قدر ماء الأرض.
ثم قال تعالى " وحملناه " يعني نوحا " على ذات ألواح ودسر " يعني السفينة ذات ألواح مركبة بعضها إلى بعض، والدسر هي المسامير التي تشد بها السفينة - في قول ابن عباس وقتادة وابن زيد - واحدها دسار ودسير، ودسرت السفينة ادسرها دسيرا إذا شددتها بالمسامير أو نحوها. وقيل: الدسر صدر السفينة تدسر به الماء أي تدفع - عن الحسن - وقال مجاهد: الدسر أضلاع السفينة. وقال الضحاك: الدسر طرفاها وأصلها. وقال الزجاج: الدسر المسامير والشرط التي تشد بها الألواح.
وقوله " تجري بأعيننا " معناه تجري السفينة بمر أي منا، ونحن نذكرها. وقيل:
أعين الماء التي أنبعناها. وقيل: تجري بأعين أوليائنا والموكلين بها من الملائكة.
وقوله " جزاء لمن كان كفر " أي كفر به وهو نحوه أي لكفرهم به، كأنه قال غرقناهم لأجل كفرهم بنوح. وقيل: جزاء لنوح وأصحابه أي نجيناه ومن آمن معه لما صنع به، وكفر فيه بالله.
وقوله " ولقد تركناها آية " يعني السفينة تركناها دلالة باهرة " فهل من مدكر " بها ومتعظ بسببها فيعلم أن الذي قدر على ذلك لا يكون من قبيل الأجسام وانه لا يشبه شيئا ولا يشبهه شئ. وقال قتادة: أبقى الله تعالى سفينة نوح حتى
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 ... » »»
الفهرست