التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٤٣
الساعة. ومن أنكر انشقاق القمر وأنه كان، وحمل الآية على كونه في ما بعد - كالحسن البصري وغيره، واختاره البلخي - فقد ترك ظاهر القرآن، لان قوله " انشق " يفيد الماضي، وحمله على الاستقبال مجاز. وقد روى انشقاق القمر عبد الله بن مسعود وانس ابن مالك وابن عمر وحذيفة وابن عباس وجبير بن مطعم ومجاهد وإبراهيم، وقد أجمع المسلمون عليه ولا يعتد بخلاف من خالف فيه لشذوذه، لان القول به أشتهر بين الصحابة فلم ينكره أحد، فدل على صحته، وأنهم اجمعوا عليه فخلاف من خالف في ما بعد لا يلتفت إليه. ومن طعن في انشقاق القمر بأنه لو كان لم يخف على أهل الافطار فقد أبعد لأنه يجوز ان يحجبه الله عنهم بغيم، ولأنه كان ليلا فيجوز أن يكون الناس كانوا نياما فلم يعلموا به، لأنه لم يستمر لزمان طويل بل رجع فالتأم في الحال، فالمعجزة تمت بذلك.
وقوله " وإن يروا آية " احتمل أن يكون اخبارا من الله تعالى عن عناد كفار قريش بأنهم متى رأوا معجزة باهرة وحجة واضحة أعرضوا عن تأملها والانقياد لصحتها عنادا وحسدا، وقالوا هو " سحر مستمر " أي يشبه بعضه بعضا. وقيل " سحر مستمر " من الأرض إلى السماء. وقال مجاهد وقتادة معناه ذاهب مضمحل وقال قوم: معناه شديد من أمرار الحبل، وهو شده فتله.
وقوله " وكذبوا " يعني بالآية التي شاهدوها ولم يعترفوا بصحتها ولا تصديق من ظهرت على يده " واتبعوا " في ذلك " أهواءهم " يعني ما تميل طبائعهم إليه، فالهوى رقة القلب بميل الطباع كرقة هواء الجو، تقول: هوى هوي هوا، فهو هلو إذا ما طبعه إلى الشئ، وهو هوى النفس مقصور، فأما هواء الجو فممدود ويجمع على أهوية. وهوى يهوي إذا انحدر في الهواء، والمصدر الهوى.
والاسم الهاوي.
(٤٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 ... » »»
الفهرست