التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٤٩
أدركها أوائل هذه الأمة، فكان ذلك آية (ومدكر) أصله متذكر، فقلبت التاء دالا لتواخي الدال بالجهر. ثم أدغمت الذال فيها. وقيل: وجه كونها آية انها كانت تجري بين ما الأرض وماء السماء، وكان قد غطاها على ماء أمره الله تعالى به. وقوله " فهل من مدكر " قد بينا معناه. وقال قتادة: معناه فهل من طالب علم فيعان عليه.
وقوله " فكيف كان عذابي ونذر " تهديد للكفار وتنبيه لهم على عظم ما فعله بأمثالهم من الكفار الجاحدين لتوحيده. وإنما كرر " فكيف كان عذابي ونذر " لأنه لما ذكر أنواع الانذار والعذاب انعقد التذكير لشئ شئ منه على التفصيل، والنذر جمع نذير - في قول الحسن - قال: وتكذيب بعضهم تكذيب لجميعهم. وقال الفراء: هو مصدر، ومنه " عذرا أو نذرا " (1) مخففة ومثقلة و " إلى شئ نكر " ويقال: أنذره نذرا بمعنى إنذارا مثل أنزله نزلا بمعنى إنزالا.
قوله تعالى:
(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر (17) كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر (18) إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر (19) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر (20) فكيف كان عذابي ونذر) (21) خمس آيات.
أقسم الله تعالى بأنه يسر القرآن للذكر، والتيسير للشئ هو تسهيله، وأخذه بما ليس فيه كثير مشقة على النفس، فمن سهل له طريق العلم فهو حقيق بالحظ الجزيل

(1) سورة 77 المراسلات آية 6.
(٤٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 454 ... » »»
الفهرست