التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٥٩
ثم قال (اكفاركم) يعني قريش وأهل مكة (خير من أولئكم) الكفار، والمعنى إنهم ليسوا بخير من كفار قوم نوح وعاد وثمود. وقوله (أم لكم براءة في الزبر) معناه ألكم براءة في الكتب المنزلة من عذاب الله.
وقوله (أم يقولون نحن جميع منتصر) قال الزجاج: معناه أيقولون ذلك إدلالا بقوتهم. ويحتمل أن يكون أرادوا نحن جميع أي يد واحدة على قتاله وخصومته (منتصر) أي ندفعه عنا وينصر بعضنا بعضا فقال الله تعال مكذبا لظنونهم (سيهزم الجمع) معناه إن جميعهم سيهزمون (ويولون الدبر) ولا يثبتون لقتالك، وكان كذلك فكان موافقته لما أخبر به معجزا له لأنه إخبار بالغيب قبل كونه، وانهزم المشركون يوم بدر وقتلوا وسبوا على ما هو معروف.
ثم قال (بل الساعة) يعني القيامة (موعدهم) للجزاء لهم بأنواع العقاب والنيران وقوله (والساعة أدهى وأمر) فالأدهى الأعظم في الدهاء. والدهاء عظم سبب الضرر مع شدة انزعاج النفس وهو من الداهية وجمعه دواه، والداهية البلية التي ليس في إزالتها حيلة، والمراد ما يجري عليهم من القتل والأسر عاجلا لا يخلصهم من عذاب الآخرة بل عذاب الآخرة أدهى وأمر. والامر الأشد في المرارة، وهي ضرب من الطعم به يكون الشئ مرا. ويحتمل الامر الأشد في استمرار البلاء، لان الأصل التمرر. وقيل مرارة لشدة مرورها وطلبها الخروج بحدة. وقيل:
الامر الأشد مرارة من القتل والأسر.
قوله تعالى:
(إن المجرمين في ضلال وسعر (47) يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر (48) إنا كل شئ خلقناه
(٤٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 ... » »»
الفهرست