التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٤٥
الفعل على الفاعل. وقرأ ابن كثير وحده (نكر) بسكون الكاف. الباقون بالتثقيل وهما لغتان. وقال أبو علي النحوي: النكر أحد الحروف التي جاءت على (فعل، وفعل) وهو صفة. وعلى ذلك حمله سيبويه وأستشهد بالآية. ومثله ناقة أحد ومشية سجح. ومن خفف جعله مثل رسل رسل وكتب وكتب، والضمة في تقدير الثبات.
لما حكى الله تعالى عن الكفار أنه ليس ينفع في وعظهم وزجرهم الحكمة البالغة، ولا يغني النذر أمر النبي بالاعراض عنهم وترك مقابلتهم على سفههم. فقال " فتولى عنهم " أي اعرض عنهم " يوم يدع الداعي إلى شئ نكر " قيل في معناه أقوال:
أحدها - قال الحسن فتولى عنهم إلى يوم يدعو الداعي.
والثاني - فتول عنهم وأذكر يوم يدع الداعي إلى شئ نكر، يعني لم يروا مثله قط فينكرونه استعظاما له.
الثالث - ان المعنى فتول عنهم، فإنهم يرون ما ينزل بهم من العذاب يوم يدعو الداعي وهو يوم القيامة، فحذف الفاء من جواب الامر. والداعي هو الذي يطلب من غيره فعلا. ونقيضه الصارف، وهو الطالب من غيره أن لا يفعل بمنزلة الناطق بأن لا يفعل، تقول: دعا يدعو دعاء فهو داع وذاك مدعو. والنكر: هو الذي تأباه من جهة نفور الطبع، وهو صفة على وزن فعل، ونظيره رجل جنب وارض جرز، وهو من الانكار نقيض الاقرار، لان النفس لا تقر بقبوله، وإنما وصف بأنه نكر لغلظه على النفس، وإنهم لم يروا مثله شدة وهؤلاء كأنهم ينكرونه لما قبح في عقولهم.
وقوله " خاشعا أبصارهم " فمعنى الخاشع الخاضع، خشع يخشع خشوعا، فهو خاشع، والجمع خشع، ويخشع الرجل إذا نسك، وخاشعا حال مقدمة. والعامل فيها (يخرجون) وقيل " خاشعا أبصارهم " لتقدم الصفة على الاسم، كما قال الشاعر:
(٤٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»
الفهرست