فهو يرى) (35) خمس آيات.
قرأ أهل الكوفة إلا عاصما (كبير الاثم) على لفظ الواحد. الباقون بلفظ الجمع (كبائر) وقد بيناه في سورة (حم عسق).
هذا اخبار من الله بأن له ملك (ما في السماوات) وملك (ما في الأرض) من جميع الأجناس بالحق (ليجزى الذين أساؤا) أي يعاقبهم (بما عملوا) من المعاصي (ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) أي يثيبهم على طاعاتهم بنعيم الجنة والخلود فيها. ثم وصف الذين أحسنوا فقال هم (الذين يجتنبون كبائر الاثم) أي عظائم الذنوب (والفواحش). والمعاصي - عندنا - كلها كبائر غير أن بعضها أكبر من بعض، فقد تكون المعصية كبيرة بالإضافة إلى ما دونها، وقد تكون صغيرة بالإضافة إلى ما هو أكبر منها. والفواحش جمع فاحشة وهي أقبح الذنوب وأفحشها، والإساءة مضرة يستحق بها الذم، ولا يستحق الذم إلا مسيئ، وذم من ليس بمسئ قبيح، كذم المحسن بالقبيح، والاحسان فعل ما هو نفع في نفسه أو هو سبب للنفع ليستحق به الحمد، ولا يستحق الحمد إلا محسن. والكبير من الذنوب هو الذي يعظم به الزجر إلى حد لا يكفره إلا التوبة منه - عند من لم يحسن إسقاط العقاب تفضلا - والصغير هو الذي يخف فيه الزجر إلى حد يصح تكفيره من غير توبة - عند من قال بالصغائر - وقوله (إلا اللمم) قال قوم: هو الهم بالمعصية من جهة مقاربتها في حديث النفس بها من غير مواقعتها ولا عزم عليها، لان العزم على الكبير كبيرة.
ولكن يقرب من مكانها لشهوته لها غير عازم عليها. وقال قوم (إلا اللمم) استثناء منقطع، لأنه ليس من الكبائر ولا الفواحش، كما قال الشاعر:
وبلدة ليس بها أنيس * إلا اليعافير وإلا العيس (1)