التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٤٣٨
النون فأدغمت في اللام، ونظير ذلك قول العرب: قم الان عنا، يريدون ثم الآن عنا. وقولهم: صم الاثنين أي صم الاثنين. الباقون تركوه على حاله. وقرأ حمزة وحفص عن عاصم (وثمود) بلا تنوين. الباقون بتنوين. قال الفراء: وقوله (وآتينا ثمود الناقة) (1) ترك صرفها لأنه ليس فيها الف.
لما بين الله تعالى انه هو الذي يخلق الذكر والأنثى من النطفة إذا تمنى ذكر (وان عليه النشأة الأخرى) وهي البعثة يوم القيامة، والنشأة الصنعة المخترعة خلاف المسببة، وهما نشأتان: الأولى في الدنيا، والثانية في الآخرة.
ثم قال " وانه هو اغنى وأقنى " ومعناه أغنى بالمال وأقنى بأصول الأموال. وقال مجاهد: اقنى أي أخدم. وقال الزجاج: ومعناه اغنى بعد الفقر وأقنى بالمال الذي يقتنى. وقيل: معنى (اقنى) انه جعل له أصل مال، وهو القنية التي جعلها الله للعبد، فاما (اغنى) فقد يكون بالعافية والقوة والمعرفة قال الأعشى:
فأقنيت قوما واعمرتهم * واخربت من ارض قوم ديارا (2) أي جعل لهم قنية. واصل (اقنى) الاقتناء، وهو جعل الشئ للنفس على اللزوم، فمنه القناة، لأنها مما يقتنى ومن ذلك أقنى الانف، لأنه كالقناة في ارتفاع وسطه ودقة طريقه. والقنو العذق قبل ان يبلغ لأنه كالذي يقتنى في اللزوم حتى يبلغ، والمقاناة المشاكلة في اللون.
وقوله (وأنه هو رب الشعرى) معناه وان الله الذي خلق الشعرى واخترعها.
والشعرى النجم الذي خلف الجوزاء وهو أحد كوكبي ذراع الأسد وقم المرزم، وكانوا يعبدونهما في الجاهلية - في قول مجاهد وقتادة - ثم قال " وانه أهلك عادا الأولى " قيل هو عاد بن ارم، وهم الذين أهلكهم الله بريح صرصر عاتية. وعاد

(1) سورة 17 الاسرى آية 59 (2) ديوانه (دار بيروت) 82 وروايته (فأقللت)
(٤٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 ... » »»
الفهرست