التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٩
قرأ أبو جعفر من طريق ابن العلاف " يا حسرتاي " بياء ساكنة بعد الألف.
وفتح الياء النهرواني عن أبي جعفر. الباقون بلا ياء.
لما امر الله تعالى باتباع طاعاته والانتهاء عن معاصيه تحذيرا من نزول العذاب بهم بغتة وهم لا يعلمون، بين الغرض بذلك وهو لئلا تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله، وحذف (لا) كما حذف من قوله (يبين الله لكم أن تضلوا) (1) وقال الزجاج: معناه كراهية أن تقول نفس، ومثله قوله (والقى في الأرض رواسي أن تميد بكم) (2) في قول الفراء. وعلى قول الزجاج:
كراهية ان تميد بكم، والنفس نفس الانسان. والفرق بين النفس والروح أن النفس من النفاسة، والروح من الريح. وأنفس ما في الحيوان نفسه، وهي جسم رقيق روحاني من الريح، ونفس الشئ هو الشئ بعينه. والتفريط إهمال ما يجب ان يتقدم فيه حتى يفوت وقته، ومثله التقصير، وضده الاخذ بالحزم، يقال:
فلان حازم وفلان مفرط.
وقوله (في جنب الله) معناه فرطت في طاعة الله أو في أمر الله إلا أنه ذكر الجنب كما يقال: هذا صغير في جنب ذلك الماضي في أمره، وفي جهته، فإذا ذكر هذا دل على الاختصاص به من وجه قريب من معنى جنبه. وقال مجاهد والسدي: معنى (في جنب الله) أي في أمر الله. والألف في قوله (يا حسرتي) منقلبة عن (ياء) الإضافة. ويفعل ذلك في الاستفهام والاستغاثة بمد الصوت.
والتحسر الاغتمام على ما فات وقته لانحساره عنه بما لا يمكنه استدراكه، ومثله التأسف.

(1) سورة 4 النساء آية 175 (2) سورة 16 النحل آية 15 وسورة 31 لقمان آية 10
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست