القابض، فيكون في قبضته وكذلك قوله (والسماوات مطويات بيمينه) معناه أي في مقدوره طيها، وذكرت اليمين مبالغة في الاقتدار والتحقيق للملك. وقيل اليمين القوة قال الشاعر:
إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين (1) ثم نزه نفسه تعالى عن أن يكون له شريك في العبادة أو معين في خلق شئ من الأشياء. وقال سبحانه وتعالى عما يشركون يعني ما يضيفه إليه الكفار من الأصنام والأوثان.
وقوله (ونفخ في الصور) قال قتادة هو جمع صورة، فكأنه ينفخ في صور الخلق وروى في الخبر ان الصور قرن ينفخ فيه الصور. ووجه الحكمة في ذلك أنه علامة جعلها الله تعالى ليعلم بها العقلاء آخر أمرهم في دار التكليف. ثم تجديد الخلق، فشبه بما يتعارفونه من بوق الرحيل والنزول، ولا يتصور ذلك للنفس بأحسن من هذه الطريقة.
وقوله (فصعق من في السماوات ومن في الأرض) قيل: معناه يموت من شدة تلك الصيحة التي تخرج من الصور جميع من في السماوات والأرض، ومنه الصواعق التي تأتي عند شدة الرعد، وصعق فلان إذا مات بحال هائلة شبيهة بالصيحة الشديدة. وقوله (إلا من شاء الله) استثنى من جملة الذين يهلكون قوما من الملائكة، لان الملك الذي ينفخ فيه يبقى بعده، ويجوز أن يبقى غيره من الملائكة. وقال السدي: المستثنى جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت - وهو المروي في حديث مرفوع - وقال سعيد بن جبير: هم الشهداء. الذين قتلوا في سبيل الله. وقوله (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) فهذه النفخة