التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٧٤
ما يتفكر فيه ويعتبر به (لمن كان له قلب) قيل معنى القلب - ههنا - العقل من قولهم أين ذهب قلبك، وفلان ذاهب القلب، وفلان قلبه معه، وإنما قال (لمن كان له قلب) لان من لا يعيي الذكر لا يعتد بماله من القلب.
وقوله (أو القى السمع وهو شهيد) قال ابن عباس: معناه استمع ولم يشغل قلبه بغير ما يستمع، فهو شهيد لما يسمع ويفقهه غير غافل عنه، وهو قول مجاهد والضحاك وسفيان، يقال ألق إلي سمعك أي استمع. وقال قتادة: وهو شهيد على صفة النبي صلى الله عليه وآله في الكتب السالفة، وهذا في أهل الكتاب. والأول أظهر.
ثم أقسم الله تعالى فقال (ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام) وقد مضى تفسير مثله في غير موضع (1) (وما مسنا من لغوب) أي من نصب وتعب - في قول ابن عباس ومجاهد - واللغوب الاعياء. قال قتادة: أكذب الله تعالى بذلك اليهود، فإنهم قالوا: استراح الله يوم السبت، فهو عندهم يوم الراحة.
وقيل: إنما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام مع قدرته على أن يخلفهما في وقت، لان في ذلك لطفا للملائكة حين شاهدوه يظهر حالا بعد حال وقيل: لان في الخبر بذلك لطفا للمكلفين في ما بعد إذا تصوروا أن ذلك يوجد شيئا بعد شئ مع أدب النفس به في ترك الاستعجال إذا جرى في فعل الله لضروب من التدبير.
ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله (فاصبر) يا محمد (على ما يقولون) من قولهم: هو ساحر، وكذاب، ومجنون، واحتمل ذلك حتى يأتي الله بالفرج (وسبح بحمد ربك) أي نزهه عما لا يليق به (قبل طلوع الشمس) صلاة الفجر (وقبل الغروب) صلاة العصر - في قول قتادة وابن زيد - (ومن الليل) يعني صلاة الليل يدخل

(1) انظر 4 / 451 و 5 / 385، 517 و 7 / 500 و 8 / 293 و 9 / 9 1
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»
الفهرست