التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٤٦
وقوله (وإن طائفتان من المؤمنين) لا يدل على أنهما إذا اقتتلا بقيا على الايمان، ويطلق عليهما هذا الاسم، بل لا يمتنع ان يفسق أحد الطائفتين أو يفسقا جميعا، وجرى ذلك مجرى ان تقول: وإن طائفة من المؤمنين ارتدت عن الاسلام فاقتلوها. ثم قال (فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ) أي فان بغت إحدى الطائفتين على الأخرى بأن تطلب ما لا يجوز لها وتقابل الأخرى ظالمة لها متعدية عليها (فقاتلوا التي تبغي) لأنها هي الظالمة المتعدية دون الأخرى (حتى تفئ إلى أمر الله) أي حتى ترجع إلى أمر الله وتترك قتال الطائفة المؤمنة. ثم قال (فان فاءت) أي رجعت وتابت وأقلعت وأنابت إلى طاعة الله (فأصلحوا بينهما) يعني بينها وبين الطائفة التي كانت على الايمان ولم تخرج عنه بالقول، فلا تميلوا على واحدة منهما (وأقسطوا) أي اعدلوا (إن الله يحب المقسطين) يعني العادلين، يقال: أقسط إذا عدل، وقسط إذا جار. قال الله تعالى (وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا) (1).
وقيل: إن الآية نزلت في قبيلتين من الأنصار وقع بينهما حرب وقتال - ذكره الطبري -.
ثم اخبر تعالى (إنما المؤمنون) الذين يوحدون الله تعالى ويعملون بطاعاته ويقرون بنبوة نبيه ويعملون بما جاء به (أخوة) يلزمهم نصرة بعضهم بعضا (فأصلحوا بين أخويكم) يعني إذا رجعا جميعا إلى الحق وما أمر الله به (واتقوا الله) أي اجتنبوا معاصيه وافعلوا طاعته واتقوه في مخالفتكم (لعلكم ترحمون) معناه لكي ترحمون لان (لعل) بمعنى الشك والشك لا يجوز على الله تعالى، قال الزجاج: سموا المؤمنين إذا كانوا متفقين في دينهم بأنهم أخوة، لاتفاقهم في الدين ورجوعهم إلى أصل النسب

(1) سورة 72 الجن آية 15
(٣٤٦)
مفاتيح البحث: الحرب (1)، القتل (1)، الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 351 ... » »»
الفهرست