التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٥١
في صفة الناصح، وهذا من أحسن ما يدل على ما ينبغي ان يجتنب من الكلام.
وفي الكلام حذف، وتقديره أيحب أحدكم ان يأكل لحم أخيه ميتا فيقولون: لا، بل عافته نفوسنا، فقيل لكم فكرهتموه، فحذف لدلالة الكلام عليه. وقال الحسن:
معناه فكما كرهتم لحمه ميتا فأكرهوا غيبته حيا، فهذا هو تقدير الكلام.
وقوله (واتقوا الله) معطوف على هذا الفعل المقدر، ومثله (ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك) (1) والمعنى ألم نشرح، قد شرحنا فحمل الثاني على معنى الأول، لأنه لا يجوز ان يقول ألم وضعنا عنك.
ثم قال (واتقوا الله) باجتناب معاصيه وفعل طاعاته (ان الله تواب) أي قابل لتوبة من يتوب إليه (رحيم) بهم.
ثم قال (قالت الاعراب آمنا) قال قتادة: نزلت الآية في اعراب مخصوصين انهم قالوا (آمنا) أي صدقنا بالله وأقررنا بنبوتك يا محمد، وكانوا بخلاف ذلك في بواطنهم، فقال الله تعالى لنبيه (قل) لهم (لن تؤمنوا) على الحقيقة في الباطن (ولكن قولوا أسلمنا) أي استسلمنا خوفا من السبي والقتل - وهو قول سعيد بن جبير وابن زيد - ثم بين فقال (ولما يدخل الايمان في قلوبكم) بل أنتم كفار في الباطن. ثم قال لهم (وإن تطيعوا الله ورسوله) وترجعوا إلى ما يأمرانكم به من طاعة الله والانتهاء عن معاصيه (لا يلتكم من أعمالكم شيئا) أي لا ينقصكم من جزاء أعمالكم شيئا (ان الله غفور رحيم) أي ساتر لذنوبهم إذا تابوا رحيم بهم في قبول توبتهم.
ثم وصف المؤمن على الحقيقة فقال (إنما المؤمنون) على الحقيقة (الذين آمنوا بالله) وصدقوا وأخلصوا بتوحيده (ورسوله) أي وأقروا بنبوة نبيه

(1) سورة 94 الانشراح آية 1 - 2
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»
الفهرست