التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٥٧
وكنا ترابا "! وقيل: تقديره، ورب القرآن. واستدل بذلك على حدوثه، وهو خلاف الظاهر. والمجيد العظيم الكرم. ووصف القرآن وبعثه بأنه مجيد معناه انه عظيم القدر عالي الذكر. ويقال مجد الرجل ومجد مجدا وهما لغتان إذا عظم كرمه وأمجد كرمت فعاله، والمجيد في اسم الله تعالى العظيم الكرم، ومجده خلقه: عظموه بكرمه، ورجل ماجد عظيم الكرم. وتماجد القوم تماجدا، وذلك إذا تفاخروا باظهار مجدهم. والمجد مأخوذ من قولهم: مجدت الإبل مجودا، وذلك إذا عظمت بطونها لكثرة أكلها من كلا الربيع. وأمجد القوم إبلهم وذلك في الربيع، كأنهم أصابوا أكلا عظيما كريما قال الشاعر:
رفعت مجد تميم باهلال لها * رفع الطراف على العلياء بالعمد (1) وقوله " بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شئ عجيب " اخبار منه تعالى عن حال الكافرين الذين بعث الله إليهم النبي صلى الله عليه وآله من كفار قريش وغيرهم مخوفا لهم من معاصيه وترك طاعاته باستحقاق العقاب على ذلك وانه تعالى سيبعثهم ويجازيهم على ذلك بعد الموت، فقال الكافرون جوابا لهذا القول:
هذا شئ عجيب، والتعجب بثير النفس تعظيم الامر الخارج عن العادة الذي لا يقع بسببه معرفة، يقال عجب عجبا وتعجب تعجبا، فالذي يتعجب منه عجب.
وقيل: العجب هو كل مالا يعرف علته ولا سببه، وأفحش العجب التعجب مما ليس بعجب على طريق الانكار للحق، لأنه يجتمع فيه سببا القبيح، فهؤلاء تعجبوا من مجئ النذير من الله تعالى إليهم فقد فحشوا غاية التفحش، مع أنه مما يعظم ضرر الجهل به. ثم قالوا أيضا في الجواب عن ذلك أإذا متنا وخرجنا من كوننا أحياء وكنا ترابا يبعثنا الله!؟ وحذف لدلالة الكلام عليه. ثم قالوا " ذلك رجع بعيد "

(1) مر في 6 / 34
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»
الفهرست