التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٤٨
قرا أهل البصرة (لا يألتكم) بالهمزة. الباقون (لا يلتكم) بلا همزة، وهما لغتان، يقال: ألت يألت إذا أنقص، ولات يليت مثل ذلك. وفى المصحف بلا الف وقال الشاعر:
وليلة ذات ندى سريت * ولم يلتني عن سراها ليت (1) ومعنى الآية لا ينقصكم من أعمالكم شيئا، ومنه قوله (وما ألتناهم من عملهم من شئ) (2) أي ما نقصناهم. وقرأ يعقوب (ميتا) بالتشديد. الباقون بالتخفيف. والتشديد الأصل، وهو مثل سيد وسيد.
يقول الله مخاطبا للمؤمنين الذين وحدوده وأخلصوا العبادة له وصدقوا نبيه وقبلوا ما دعاهم الله إليه (لا يسخر قوم من قوم) ومعناه لا يهزأ به ويتلهى منه، وقال مجاهد: لا يسخر غني من فقير لفقره بمعنى لا يهزأ به، والسخرية بالاستهزاء ولو سخر المؤمن من الكافر احتقارا له لم يكن بذلك مأثوما، فأما في صفات الله، فلا يقال إلا مجازا كقوله (فانا نسخر منكم كما تسخرون) (3) معناه إنا نجازيكم جزاء السخرية.
ثم قال (عسى أن يكونوا خيرا منهم) لأنه ربما كان الفقير المهين في ظاهر الحال خيرا عند الله وأجل منزلة وأكثر ثوابا من الغني الحسن الحال. وقال الجبائي: يجوز ان يكونوا خيرا منهم في منافع الدنيا، وكثرة الانتفاع بهم. وقوله (ولا نساء من نساء) أي ولا يسخر نساء من نساء على هذا المعنى (عسى أن يكن خيرا منهن) ويقال: هذا خير من هذا بمعنى أنفع منه في ما يقتضيه العقل، وكذلك كان نسب رسول الله صلى الله عليه وآله خير من نسب غيره، ثم قال (ولا تلمزوا أنفسكم)

(1) تفسير الطبري 26 / 82 وقد مر في 6 / 445 (2) سورة 52 الطور آية 21 (3) سورة 11 هود آية 38
(٣٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 343 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 ... » »»
الفهرست