التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٩ - الصفحة ٣٤٢
ثم قال تعالى " لهم مغفرة " من الله لذنوبهم " وأجر عظيم " على افعالهم وطاعاتهم ثم خاطب النبي صلى الله عليه وآله على وجه الذم لمن يرفع صوته من اجلاف الاعراب على النبي صلى الله عليه وآله " إن الذين ينادونك " يا محمد " من وراء الحجرات " وهي جمع حجرة وكل (فعلة) بضم الفاء يجمع بالألف والتاء، لأنه ليس بجمع سلامة محضة إذ ما يعقل من الذكر ألحق به، لأنه اشرف المعنيين، فهو أحق بالتفصيل، قال الشاعر:
اما كان عباد كفيا لدارم * بلى ولابيات بها الحجرات (1) أي بلى ولبني هاشم. وقرأ أبو جعفر الحجرات بفتح الجيم. قال المبرد:
أبدل من الضمة الفتحة استثقالا لتوالي الضمتين، ومنهم من أسكن مثل (عضد وعضد) وقال أبو عبيدة: جمع حجرة وغرفة يقال: حجرات وغرفات.
ثم قال " أكثرهم لا يعقلون " لأنهم بمنزلة البهائم لا يعرفون مقدار النبي صلى الله عليه وآله وما يستحقه من التوقير والتعظيم. وقيل: إن الذين رفعوا أصواتهم على النبي صلى الله عليه وآله قوم من بني تميم. وفي قراءة ابن مسعود (أكثرهم بنو تميم لا يعقلون).
ثم قال " ولو أنهم صبروا " فلم ينادوك " حتى تخرج إليهم " من منزلك " لكان خيرا لهم " من أن ينادونك من وراء الحجرات (والله غفور رحيم) أي ساتر لذنوبهم إن تابوا منها لان ذلك كفر لا يغفره الله إلى بالتوبة.
قوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين (6) واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الامر لعنتم ولكن

(1) الطبري 26 / 69
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»
الفهرست